كلمة (الطبقة) عند الشيوعيين اختلفوا فيها، وإلى الآن لم يتفق الشيوعيون على معنى محدد لكلمة "طبقة" لكن نحن نستطيع تقريباً أن نقول: أصحاب المصانع طبقة، العمال طبقة، فهذا أوضح شيء، فالصراع بينهما حتمي، فـ الشيوعية لا تقول: الصراع ممكن، بل تجعله حتمياً، ومن الصراع بينهما تنشأ القوة الثالثة، تطبيقاً للنظرية الجدلية التي هي الديالكتيك أو الجدلية، ويمكن الآن ألا تجد جريدة يومية إلا وتقول من منظور جدلي، ومن مفهوم جدلي، هذه هي نظرية هيجل التي أخذها كارل ماركس أن الأشياء تحمل نقيضها في ذاتها.
إذاً نبسط المسألة فنقول: عندنا عمال في بريطانيا ً -مثلاً- وعندنا أصحاب العمل -مثلاً- فلابد أن يتصارع العمال وأصحاب العمل ويثوروا، النهاية تخرج قوة البروليتاريا أو الحكومة العمالية حيث تكون الملكية مشاعة للجميع، لا العمال يملكون ولا الشركة تملك، وإنما لكل حسب جهده وحسب طاقته وحاجته، فهذه الشيوعية خيالية.
والواقع: أنه في بريطانيا -كما قلنا- لم تنجح فيها الشيوعية فأصحاب العمل تنبهوا إلى خطر ثورة العمال فقاموا وقالوا: لكل عامل من العمال الحق في أن يكون له أسهم في الشركة.
على سبيل المثال: يوجد بنك رأس ماله عشرة ملايين دولار يعمل فيه عدد كبير من العمال، وأيضاً هناك عمال يشتغلون في السيارات في الورش، لكن لو نجحت الاشتراكية فيهم لثاروا على البنك، خاصة إذا قال لهم الشيوعيين: خذوا مليوناً، أو كل واحد يؤمل أن تكون العشرة مليون دولار في جيبه، كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{يحسر الفرات عن جبل من ذهب في آخر الزمان، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون كل يظن أن الجبل له}.
فكيف يتخلص البنك من هذه العملية؟ قام بوضع حوالي (٥٠%) مثلاً أسهم، فيشترك الناس كلهم العمال والموظفون وغيرهم ويكون لهم أسهم في البنك، فلن يأتوا بعد ذلك إلى البنك، فقد أصبح البنك كله للناس، ولو كان ما تملكه عشرة ريال، فإنك تقول: دع البنك يبقى من أجل العشرة التي لي، فانتبه الاشتراكيون لمثل هذا الشيء، وشركات السيارات الضخمة انتبهت لهذه النقطة أيضاً، وعمال السيارات يقولون: من حقك أن توظف دخلك ليكون لك أسهماً في الشركة، فساهم في الشركة واتفق مع صاحب العمل، أو يأتي صاحب العمل ويقول للعمال: كل عشرين عامل ينتخبوا عاملاً، ونعقد مجلس شورى يتكون من رؤساء العمال، وهذا العامل هو في الأصل مندس بينهم، فيصير مجلس الإدارة مرتب على هوى رئيس الشركة، والعمال يقولون هذا جيد! فإذا أتى الشيوعي وقال: يا رجعيين، يا إمبرياليين، يا برجوازيين، ثوروا، فسيقولون: على من؟! هذا لي وأنا مرتاح له! أيضاً الشركات أصبحت تعطي سكناً صحياً، تعطي تأميناً اجتماعياً للإصابات، وللأضرار، فيقول لك الناس: لماذا تريد أن نكون شيوعيين؟! فنظرية ماركس لم تعد حتمية، لأن الواحد بعقله على الأقل في ظاهر الأمر أنه لا يوجد داعٍ لأن يثور، ولا حتمية، وهذا كله كلام لا فائدة منه.