وأكمل الناس محبة لله عز وجل هم الأنبياء وأفضل الأنبياء في ذلك الخليلان: إبراهيم ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، ولذلك يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً} أي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتخذ من أمته خليلاً، مع شدة محبته لـ أبي بكر ولـ عائشة رضي الله تعالى عنها، من أجل أن تكون خلته لله وحده، فهو خليل الرحمن، كما أن إبراهيم خليله صلوات الله وسلامه عليهما، ولذلك كانت أعمال الخليلين، وحياة الخليلين شاهدة على كمال الخُلّة التي حققاها.
فهذا إبراهيم عليه السلام عندما ابتلاه الله بأن يترك ابنه وزوجته في صحراء مكة القاحلة، بواد غير ذي زرع، وأمر أن يذهب ويرجع إلى بلاد الشام ولا يترك معهما شيئاً وأن يوكلها إلى الله، وأيقن بذلك، وذهب وتركهما.
ثم لما ابتلي بأكثر من ذلك؛ بأن يذبح ابنه إسماعيل حقق ذلك، فأضجعه وتله للجبين، ولولا أن الله تبارك وتعالى فداه بالذبح العظيم لذبح ابنه، لأن قلبه قد تجرد عن كل محبة تخالف محبة الله تبارك وتعالى، وأصبح خليلاً للرحمن، والخليل لا يمكن أن يخالف أمر خليله أبداً، بل يأتمر بأمره ويطيعه في كل شيء وفي كل أمر.