لا شك أن من أسباب قيام الشيوعية ردة الفعل عند الرأسمالية، شأنها في ذلك شأن جميع المذاهب الفكرية، إلى أن يقول: فما هو البديل الذي ينادي به الآن من يثور على الشيوعية، لا سيما أن جميع الفلسفات والنظريات قد أفلست؟
الجواب
البديل الآن الذي ينادى به أن وظيفة الدولة ليست العقيدة، يقولون: الدولة ليست وظيفتها العقيدة -وهذا كلام مخالف لكلام كارل ماركس ولينين، الذين يقولون: وظيفة الدولة هي العقيدة- الآن وظيفة الدولة هي الرفاهية، فكل العالم الآن الشرق والغرب يبحثون عن الرفاهية، وعلماء السياسة -وبعض الإخوة في كلية الآداب يدرسون هذه النظريات- يقولون: إن الدولة الحديثة وظيفتها الأساسية تحقيق الرفاهية لشعبها، أما التركيزعلى العقيدة والتأكيد على العقيدة فهذا كلام مضى.
فحدثت عدة حوادث أرغمت غورباتشوف على ذلك، نذكر منها حادثتين.
الحادثة الأولى: حادثة الإشعاعات النووية التي تسربت من تشر نوبل هذه الحادثة جعلت الاتحاد السوفيتي يقف عاجزاً لا يستطيع أن يعمل مضاداً للإشعاعات؛ فاستعان بالتكنولوجيا الغربية.
الحادثة الثانية: الزلازل التي حدثت في أرمينيا، وكان الاتحاد السوفيتي الذي ينافس أمريكا على غزو الفضاء، لم يستطع أن يأتي بحراثات لنشل الجثث ونشل الضحايا، فاستعان بالأجهزة الغربية.
هاتان الحادثتان جعلتا غورباتشوف يعلن أننا مفلسون في التكنولوجيا، وكذلك انهيار البلد اقتصادياً واحتياجه إلى القمح واحتياجه إلى السكر.
أحد الصحفيين العرب ذهب إلى موسكو لكي ينظر إلى ما حدث من تغيير وما هي أسبابه، فقال: لا يوجد سكر ولا قمح، ولذلك يرفع غورباتشوف شعار الرفاهية كما يرفعها بوش أو غيره.
والبديل الآن ليس بديلاً عقائدياً وإنما هو بديل اقتصادي بحت، فالدولة التي تحقق أكبر قدر من الترفيه لشعبها هي الدولة النموذجية المثالية، هذا بالنسبة لشعبها، أما خارج شعبها فالقوة العسكرية هي الأساس، ولهذا روسيا رغم انحطاطها في كل شيء إلا أنها متفوقة جداً في مجال واحد وهو المجال العسكري.