للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حدود الله عز وجل]

السؤال

ما هي حدود الله التي أمر بحفظها؟ وما معنى " احفظ الله تجده تجاهك"؟

الجواب

حدود الله: هي كل ما شرعه الله وحفظ حدود الله يكون بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، والصبر على طاعته والصبر عن معصيته، والصبر على قضائه وقدره، فهذا كله من حفظ الله ومن حفظ حدوده.

أما معنى " احفظ الله تجده تجاهك " فهي تعني المعية الخاصة.

" احفظ الله تجده تجاهك " أي: معك معية خاصة؛ لأن من الصفات الثابتة لله المعية، وهي نوعان: المعية العامة: وهي معيته للخلق أجمعين، كما قال تعالى {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة:٧] فهذه لكل الناس فهو معهم كلهم.

وقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق:١٦ - ١٧].

فهذه معية عامة لله تعالى، فهو مع كل الناس بعلمه، وهو تبارك وتعالى مُطِّلعٌ على أحوالهم، ولا تخفى عليه منهم خافية.

والمعية الخاصة: وهي المقصودة في الحديث، وهي مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:١٢٨] {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:١٥٣].

هذه المعية الخاصة كما قال الله تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:٤٦] وكما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لا تحزن إن الله معنا} أي: يحفظنا وينصرنا ويرعانا ويوفقنا.

وهنا نشير إشارة فاتتنا من قبل، فنقول: إن من أعظم نصر الله، وتوفيقه ومعيته، وحفظه لك أن يحفظك عن الذنوب والمعاصي، ولهذا قال الحسن البصري، وقال أبو سليمان الداراني وغيرهما من الأئمة الذين تكلموا في هذا الموضوع العظيم، موضوع الإيمانيات والرقائق: "إنما عصوه لهوانهم عليه -أي: أن أهل المعاصي هؤلاء، إنما عصوه لهوانهم عليه- ولو كرموا عليه لحجزهم" أي: لو كانوا كرماء على الله لمنعهم من الوقوع في المعاصي، لكن من هوانهم على الله تركهم يقعون في الذنوب والمعاصي، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:١٨].

فكل من عصى الله فلهوانه على الله عز وجل، ولو كرم عليه لحجزه ولعرَّفه به تبارك وتعالى، وإذا عرف الله وعظَّم الله لم يعصِ الله عز وجل، فهذا من أعظم ما يجده العبد من أنواع المعية الخاصة.