من خلال ما سبق يمكن إجمال مراتب الدين كالتالي: الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان وهو أعلاها مرتبة وأعظمها.
ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: 'إن الرضا من أعمال القلوب، نظير الجهاد من أعمال الجوارح' فأفضل وأعلى وأشد أعمال الجوارح هو الجهاد، الذي يخرج فيه الإنسان بماله ونفسه في سبيل الله من أجل أن يقاتل أعداء الله تعالى، متعرضاً للموت، ولفقد الروح التي هي أغلى ما عند كل مخلوق، فهذا في عمل الجوارح.
وأما أعمال القلوب فهي درجات، فالعمل الذي يقابل الإحسان هو الرضا، لذلك يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه وهو من تعلمون حكمته، وعظيم منزلته في الدين، وبين أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: [[ذروة سنام الإيمان الصبر للحكم، والرضا بالقدر]].
فكل ما حَكم الله تبارك وتعالى به أو شَرعه فلا بد أن تصبر عليه وأن تتعبد الله به، وأن تصبر وتصابر وتصطبر لكي تعبد الله كما أمر الله وشرع الله، فهذا هو الصبر للحكم، وأما الرضا بالقدر فهو نوع من أنواع الرضا -كما سنبين إن شاء الله في أنواع الاعتراض- حيث إن أكثر اعتراض العامة يكون على أقدار الله، فعامة الخلق أكثر ما يعترضون على أفعال الله، وأحكامه، وأقداره -والعياذ بالله - فالمثال جاء بالقدر؛ وإلا فالرضا بالدين، وبالشرع، وبالأمر أعظم من ذلك، وكلها لا بد منها، وهي مطلوبة، فجعل الرضا ذروة سنام الإيمان، وبذلك يتبين لنا أهمية هذا العمل القلبي العظيم، ونعلم أن الله تبارك وتعالى عندما خاطبنا، بين لنا إكمال الدين والإيمان، خاطبنا فيه أو ذكره لنا باسم الرضا كما قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً}[المائدة:٣]، فإن هذا يستلزم في المقابل أن نرضى بما كتب وأنزل وشرع سبحانه وتعالى، وبما قضى به الله تبارك وتعالى إما في كتابه، أو على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا يؤدي بنا ويدلنا إلى أهمية معرفة أنواع الاعتراضات التي يعترض بها من لم يحقق الرضا.