للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف الحكومة المصرية من المجاهدين العائدين من أفغانستان]

السؤال

تجري الآن في مصر عمليات اعتقال ومطاردة للشباب العائدين من أفغانستان فهل فعلاً هؤلاء الشباب إرهابيون متشددون, وماذا تعني هاتين الكلمتين, وإذا كانوا على الحق -نحسبهم كذلك إن شاء الله- فلماذا لا نقف معهم ونؤيدهم ونشد من أزرهم, عملاً بحق الأخوة في الدين؟

الجواب

إذا استطعت أن تقف معهم ولو بكلمة تلقيها في مسجد فافعل.

فهم ليسوا إرهابيين ولا متطرفين ولا متشددين, والتنظيمات السرية التي تدعي الحكومة تشكلها, مهددة بذلك الأمن الوطني, إنما يعنى بها الشباب الذين عادوا من أفغانستان , فمن وجد أنه كان في أفغانستان , أو على الأقل وجد على أن جوازه يحمل تأشيرة الدخول إلى باكستان , فهذا يكون الحكم عليه ما بين الإعدام والسجن لمدة تزيد على الخمسة عشر عاماً.

أما من مرّ في طريق عودته على الخرطوم فهذا يكون مصيره الإعدام قطعاً, مع العلم أن مصر لا تمنع مواطنيها من زيارة تل أبيب , ولا يتعرض من يزورها للمطاردة ولا يخضع لأي نوع من العقوبة.

إذاً القضية هي إعلان الحرب على الله ورسوله وعلى المؤمنين, والعدوان على دين الله وعلى أولياء الله, وهذا كل ما في الأمر, فقد قامت قوات الأمن بتمشيط الأحياء حياً حياً, وبلدة بلدة, ليثبتوا للمجتمع الدولي أنهم يحكمون قبضتهم على البلاد والعباد.

وزعمت الحكومة أن المسألة لا تعدوا أن تكون اضطراباً أمنياً في قرية من القرى اسمها دوروب مدعية استتباب الأمن, وعدم تأثير هذه الأحداث على السياحة في مصر , فما لبثت الأحداث أن شملت مدناً أخرى مثل القاهرة والإسكندرية وأسوان , وغيرها, فقامت الحكومة بعمليات تمشيط واسعة للتضييق على هؤلاء الشباب.

وهذا إنما يدل على تخوف الحكومة من انتشار الصحوة بين الناس, وربما بلغكم خبر توبة ثلاث فنانات خلال فترة وجيزة, كما أن هناك من رجال الأمن المركزي من انضم إلى الشباب المؤمن, ليقينهم ببراءتهم.

المهم أن التردي في الوضع بلغ درجة قيام قوات الأمن بعمليات المداهمة لكل بيت فيه شاب يطلق لحيته, أو يقتني بعض الكتب الشرعية, وربما وصل الأمر إلى أن يقتل دون تحقيق أو اتهام صريح.

سبحان الله العظيم! لماذا؟! ما ذنبه وما جريرته؟! افرض أن عنده أفكاراً! أو أنه يقتل السياح! أو يفعل كذا! فلقد بينا فيما سبق كيف تعامل علي رضي الله عنه مع الخوارج الحقيقين, فعاملوا هؤلاء الشباب بنفس الطريقة, وأعطوهم الحقوق الثلاثة التي أعطاها علي رضي الله تعالى عنه للخوارج , وناقشوهم وناظروهم وتفهموهم, أما أن تلقى التهم جزافاً فهذا لا يجوز.

والدليل على أن هذه الأحداث ليست مقتصرة على مصر وحدها, ما أذاعته إذاعة صوت أمريكا وبريطانيا , وما نقلته مجلة الوسط ومجلة الوطن العربي ومجلة كل الناس ومجلة نصف الدنيا ومجلة صباح الخير ووعد ما شئت, وكلهم متفقون على وصف شباب الصحوة بأنهم متطرفون وإرهابيون, فلو قبض على شاب مسلم في أي بلد من البلدان, وأُظهرت صورته وهو ملتحٍ لكتبت جميع الصحف العربية أنه إرهابي متطرف, سبحان الله! لكن لو كان يهودياً أو نصرانياً يطلق لحيته, ويعلق الصليب على صدره فهل يقال: أنه متطرف؟!! هذه هي القضية يا إخوان! إن بعض الشباب في مصر فيهم نوع من الغلو بلا شك, وفيهم نوع من الجهل كما في كل مكان, لكن ماذا ننتظر من شباب يعيش وسط مجتمع غلا في حرب الله ورسوله؟ ولماذا نستغرب الغلو في الطرف الآخر؟ إذاً الواجب إنصاف هؤلاء الشباب ونصرتهم, والدعاء لهم, وتوجيههم, ونحن هنا بالذات يجب علينا أن نرسل الكتب والأشرطة لتوعيتهم وتفقيههم في الدين, ويجب أن يكون لنا دور دعوي, يجب أن تكون صحافتنا وإعلامنا متزناً, حتى نكون مصلحين بين هؤلاء وهؤلاء, أما أن ندعم الظلمة والمجرمين فهذا لا يجوز سواء وقع من أفراد أو من وسائل إعلام أو مؤسسات.

هذا وأسأل الله رب العرش العظيم أن يختم لي ولكم بالأعمال الصالحات, وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها, وخير أيامنا أواخرها, وألا يتفرق هذا الجمع الطيب إلا بذنب مغفور وعمل مشكور, إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.