نعيم الله لا ينفذ وغناه مطلق، ولكن هل هناك من أساس للتوبة؟ أقول: نعم لابد من أساس لهذه التوبة، ولا بد من أساس للاستقامة، ولقبول العمل، وأعظم شيء وأساس كل شيء هو: عبادة الله وحده لا شريك له وأن يوحد الله.
(أي: أن نقول: أشهد أن لا إله إلا الله) ونحن صادقين في هذه الشهادة، فنحقق هذه الشهادة، فهذا الكرم الذي رأيتموه، يكون لأهل التوحيد، ولأهل النجاة، ولمن حقق الشهادة.
أما من أشرك بالله -عافانا الله وإياكم- فلا ينفعهم من أعمالهم شيئاً، وإن اجتهد في الصلاة، والصيام، والإنفاق، والبر والطاعة، ما دام يشرك بالله تعالى، ويدعو ويسأل غير الله، ويستعين بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ويطيع أمر غير الله ويعصي أمر الله، ويعلم أن هذا تشريع أو قانون مخالف لما أمر الله، فكل أنواع الشرك، هي الخطر العظيم، وهي التي تجعل كرم الجبار ونعمته وسعة جوده تنقلب غضباً ومقتاً وطرداً ولعناً عافانا الله وإياكم.
فمع وجود الشرك:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار}[المائدة:٧٢] فإذا سمعنا أحداً يتكلم في أنواع الشرك فليكن الواحد منا كله أذن صاغية، وإذا سمعنا أحداً يتحدث عن التوحيد فلنلقي إليه بأسماعنا وقلوبنا لنعرف معنى التوحيد ونحقق ذلك التوحيد لأن المسألة ليست هينة.
فإذا كان كرم الله تعالى لا يكون إلا لهؤلاء، وكتب أنه لن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وحرَّم الجنة على المشركين، ونحن لا نريد إلا الجنة، وكل ساعٍ يسعى من عباد الله في هذه الحياة إنما يريد وجه الله ويريد الجنة، ونعوذ بالله أن تكون نهاية هذا الكدح هي النار نسأل الله أن يعافينا من سوء المصير.