إذا أراد الفرد منا كفرد أن يرضي الله تبارك وتعالى، وينال ما وعد الله به من العزة والتمكين في الأرض وفي الدنيا، وبالفوز برؤيته وبالجنة في الآخرة، فما علينا إلا أن نوحد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التوحيد الكامل المطلق، وأن نستسلم لأمر الله ولقدره ولقضائه ونرضى بكل ما أنزل الله تبارك وتعالى، كما في الحديث {من قال حين يمسي وحين يصبح: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً، كان حقاً على الله أن يرضيه} هذا معنى الرضا، لكن ما معنى رضيت بالله رباً؟ أقول: معنى ذلك أنه -مثلاً- إذا سمعت آية من آيات الله فإذا لم أنفذها، ولم أتبع ما فيها، لم يكن هذا من الرضا، لا بد عندما أقول في الصباح والمساء: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً، أن أضع كل ما يأتيني عن الله، وعن رسول الله، في محل الطاعة والقبول والالتزام في نفسي -ما استطعت- كما قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]، وفي زوجتي وأهلي ومجتمعي، ومن حولي، وأدعو إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنكر المنكر بقدر ما أستطيع.
إذاً: لا بد من توحيد الله تبارك وتعالى التوحيد الكامل المطلق، وإلا فالمشركون لم ينفعهم شيء، مع أنهم كانوا مقرين بأنه الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت، والذي يدبر الأمر، لكنهم كانوا لا يقرون بالعبادة، وكانوا يتبعون الأعراف والعادات والتقاليد، ويتركون أوامر الله ورسوله، وكانوا يعبدون الأحبار والرهبان، يتبعونهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، فكل ذلك لم ينفع المشركين، ولم ينفع اليهود والنصارى، ولم يصيروا موحدين، بل كانوا مشركين، وتوعدهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالنار، أعاذنا الله وإياكم منها.