[بيع سلع يتوسل بها إلى الشبه]
وينص شَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله على مسائل تتعلق بالفروع، تتعلق بما يسمونه: الحريم المكاني، أو الزماني للعيد، فيقول مثلاً: " ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد، من الطعام واللباس ونحو ذلك " ونحن سنتعرض الأدلة كاملة، لكن نريد أن نأخذ من هذه القضية مدخلاً، وهو إذا كان ما قد يستعين به بعض المسلمين على مشابهة الكفار أو الاحتفال بعيدهم يحرم أن يباع لهم، وهو من الطعام أو اللباس أو ما أشبه ذلك فما بالكم ببيع الكروت أو البطاقات التي هي للتهنئة بهذا العيد؟ فما بالكم بمن يشارك أو يدخل أو يندمج في هذا العيد، ويحضر ويشهد هذا الزور؟ إذا هذا لا شك أنه حرام، فإذا حرم ذلك وهو ذريعة -كما حرم على المؤمن أن يبيع العنب لمن يجعلها خمراً، أو أن يؤجر لمن يزني أو يلوط أو غير ذلك، مما قد يكون ذريعة إلى الفساد- فإن هذه الذريعة إذا حرمت؛ فإن المقصد يكون إذا وقع في عينه أشد حرمة.
وهنا نقف وقفة مع واقعنا: هل نحن فعلاً نبيع الوسائل المؤدية إلى الاحتفال بالعيد أو تعظيم أعياد الكفار؟ أمر مؤلم أن نقول لكم: نعم.
إنَّ هذا المنكر العظيم منتشر ومتفش في مجتمعنا، وهذه مسألة غير مسألة حضور أعيادهم أو الاحتفال بها.
ومن ذلك -مثلاً- المكتبات التجارية، ولا سيما في الأسواق المركزية، وهذا مشاهد هنا في جدة، حيث تباع البطاقات التي يتهاداها أولئك، ويهنئ بعضهم بعضاً بها، وهذه عشرة نماذج لأنواع من البطاقات مشتراة من مكتبات متنوعة بالفواتير من مدينة جدة، تركت الأشياء التي فيها صور خليعة أو نساء، لكن كلها يجمعها أنها تشتمل على صليب أو كنيسة، فهذا دليل على أنها فعلاً من شعائر دينهم، ومع ذلك فإنها تباع في مكتبات المسلمين، وهذا أمر لا يجوز، وهو من أعظم المنكرات التي يجب إنكارها.
وإن أردتم الدقة في الإحصائيات، لتعلموا كم يرد إلى هذه البلاد، وكيف تباع هذه البطاقات، وتباع الأشجار التي يسمونها أشجار عيد الميلاد، فنحن ننقل لكم من نشرة إحصائيات التجارة الخارجية، وهي نشرة رسمية تصدرها مصلحة الإحصائيات العامة بوزارة المالية كل عام وهذا الصنف دائماً رقمه (٩٧٠٥) في كل عام، فإذا أخذتم الكتاب انظر رقم (٩٧٠٥) تجدون أنه ما يتعلق بالأعياد والمهرجانات وأشجار عيد الميلاد بالذات، وما يستخدمه الحواة السحرة، الذين يتعاملون مع الثعابين بالسحر لكن أهم سلعة هو ما يتعلق بعيد الميلاد وبأشجارهم.
وفي عام (١٩٨٥م) نعم توقيتنا الرسمي متروك مع الأسف وأكثر إداراتنا توقيتها بالتوقيت الميلادي وهذا نوع من المشابهة، كالمشابهة في أعيادهم والمشاركة فيها، وكل ما سنذكره إن شاء الله من الأدلة يحرمه من الأدلة يحرمه، وهو داخل فيها كاستعمال أشهرهم وتقويمهم، لكن هذا هو الواقع.
على أية حال في عام (١٩٨٥م) بلغت قيمة ما استورد (١.
٥٨٩.
٢٣٣) ريالاً، هذه البطاقة تباع -أحياناً- بأربعة ريالات، ولنفرض أنه بالجملة بريالين، ونفرض أن الرقم مليون، معنى ذلك ما دخل المملكة من بطاقات يساوي (٥٠٠.
٠٠٠) بطاقة، وهذا كان في عام (١٩٨٥م)، وفي عام (١٩٨٦م) ارتفع الرقم إلى (٢.
٢٩٩.
١٢٧) ريال، وفي عام (١٩٨٧م) ارتفع الرقم إلى (٣.
٠١٢.
٩٣١) وفي عام (١٩٨٩م) بلغ (٢.
٧٦٣.
٠٣٠) ريال، وبلغت قيمة الواردات أيضاً في عام (١٩٩٠م) (١.
٨٤٨.
٠٠٠) ريال، وعام (١٩٩١م) الربع الأول وتعرفون أنه في وقت الأزمة قدم إلى هذه البلاد جموع غفيرة من الكفار، قد يكون مجموعهم وصل إلى المليون، إذا ضممنا إلى الجيوش الصحفيين، ومن جاء للتجارة وغير ذلك مما له علاقة بالأزمة في هذه السنة، وفي هذا الربع لم يذكر التصنيف، وليس له وجود في الكتاب أو الدليل؛ ربما لأنهم رأوا أن الرقم ضخم مبالغ فيه ففضلوا ألا يُذكر، أو لسبب آخر لا ندري به، لكن في الربع الأول من العام الذي قبله وهو (١٩٩٠م) بلغت قيمة مشتروات هذا الصنف (٢٥٢.
٢٠٢) ريال.
وبالنسبة لبطاقات التهاني هذه التي تستورد فإنها ترد من عدة دول، وكما تعلمون أن النصارى من أمم الغرب، وفي أمم الشرق -أيضاً- يوجد نصارى، ويبيعون هذه البطاقات مثل الولايات المتحدة الأمريكية فهذه الدولة وحدها -كما هو موجود في نشرة إحصائيات التجارة لعام (١٩٨٩م) - صدرت من البطاقات وما يماثلها ما قيمته (٢.
٠٠٣.
٢١٢) ريال، وفي نشرة عام (١٩٩٠م) بلغت قيمة بطاقات التهاني وما يشابهها (٣.
٣٢١.
٦٨٠) ريال، أي: بزيادة عن العام الذي قبله (١.
٣١٨.
٤٦٨) ريال، ويعزى ذلك إلى كثرة وجود الكفار عند حدوث الأزمة.
وفي الربع الأول فقط من عام (١٩٩١م) بلغت قيمة الواردات من بطاقات التهاني (٤٣٣.
٧٤٦) ريال هذا فقط من الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن ألمانيا، بلغت في الربع الأول من السنة ما قيمته (١٠٣.
٣٨٥).
ومن المؤلم والمؤسف أن بعض هذه البطاقات يطبع في دول خليجية ويستورد منها، -ولا حول ولا قوة إلا بالله- فأصبح المسلمون يطبعون هذه الكروت، وفيها الصلبان ويبيعونها، وأشد ألماً من ذلك أننا في هذا البلد الطيب في بلاد التوحيد نشتري وندخل هذه الأعداد والأرقام، وفي ذلك دليل على أنها رائجة سائرة عندنا من غير إنكار.
وأنا لا أستبعد أن تكون -أيضاً- بعض المطابع تطبعها هنا في جدة، لا سيما مع قرب الموسم، نظراً لهذه الكميات الهائلة من ملايين البطاقات، والطباعة -كما تعلمون- لا تكلف، ولا سيما إذا كانت الكمية كبيرة، فبدل أن يستوردها بريالين يمكن أنها لا تكلفه قرشين لطبعها هاهنا، فما يطبع هاهنا في الداخل غير داخل في هذه الإحصائيات، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.