[عمل المرأة والأخطار الناتجة عن ذلك]
الأمم الآن يا إخوان -كما أشرت- أدركت أن الإنسان هو المهم وليس الآلة، الإنسان هو الأساس، والأمة الإسلامية وإن قل عددها لكن إذا تمسكت بدينها فهي التي تقيم الحضارات وتكون أعظم من أي أمة كافرة؛ لأن الأمريكي الذي يكتشف، أو يطلق الصواريخ في الفضاء أو ما أشبه ذلك هو إنسان منحط أخلاقياً، كم يقضي في الخمر! كم يقضي في الزنا! نحن نعلم جميعاً أن المعاصي تضعف وتنهك البدن، وتنهك الأمة، مع ما في أمريكا من المفاسد والمخدرات التي أقلقت المسئولين، وكل شيء تخترع وتصنع، كيف لو أن الأمة الإسلامية التي تحتفظ بعقلها؛ وبقواها البدنية؛ لأنها لا تزني، ولا تسرق، ولا تشرب الخمر، ولا تمارس الدعارة والفساد والمخدرات، كيف لو أن هذه الأمة أخذت بالتكنولوجيا ولديها المال والحمد لله ثم زاد عدد سكانها؟! إذاً: لا تغلب هذه الأمة أبداً هكذا يخططون؛ ولهذا نجد أن ما يشكى عنه في الجرائد، كل يوم: زيادة العنوسة، ومشكلة تأخر الزواج وما إلى ذلك، أن جزءاً منها على الأقل مما يخطط له أعداء الله، ومما يريدونه؛ لأنهم جعلوا مناهج الفتيات كمناهج الأولاد سواءً بسواء، وأصبحت إن أخذت الشهادة الجامعية كالابن يعزف عنها الشباب؛ لأنه لا يريد أن يتزوجها؛ لأسباب عديدة تتكلم عنها كثيراً الجرائد لا داعي أن أعيدها عليكم، وإن أخذت شهادةً أقل تشعر أنها قد لا تتزوج إذاً لا تعمل، ربط الحصول على العمل بالشهادة، وربطت الشهادة بمنهج الأولاد ونفس المراحل، هذه المصيبة التي خطط لها أعداء الله حقيقةً، وهي التي يجب على الأمة الإسلامية أن تعيد النظر فيها.
لو أنه وجد للمرأة تعليم مستقل تماماً عن التشبه بتعليم الرجال، ولم يربط مطلقاً بمسألة الوظيفة لكانت الأمة بخير عظيم، ولتجنبت كل هذه الشرور والمفاسد.
ثم ما الذي ينتج إذا عملت المرأة كما هو واضح؟ إذا عملت المرأة أولاً تنافس الرجال في الوظائف، الدولة التي عندها عشرة آلاف وظيفة مثلاً، وتخرج عشرة آلاف خريج وعشرة آلاف خريجة، إنها ستعطي خمسة آلاف منهن خمسة آلاف وظيفة؛ فيتعطل خمسة آلاف شاب فيتحولون إلى مجرمين، وإلى لصوص، وإلى مدمني مخدرات، وإلى ما لا يحتاج إلى أن يذكر لمعرفته في الإحصائيات العالمية.
أما الخمسة آلاف اللاتي توظفن ما الذي يحصل؟ تحتاج إجازة ولادة، وفترة الحمل، والوحم، وفترة الدورة الشهرية تكون متوترة عصبياً؛ ويكون الإنتاج قليلاً.
ثانياً: إن تزوجت تحتاج إلى خادمة -قد تكون كافرة- حتى تربي الأولاد، تحتاج إلى سائق، ثم ما بقي من الراتب بعد أن تعطي الخادم والسائق والمربية أين يذهب؟ يذهب على مشاغل الخياطة، وعلى دور الأزياء التي ترجع في النهاية إلى الشركات اليهودية، وأباطرة المال هم اليهود في العالم؛ لأنها مفتونة بالتزين، مفطورة على ذلك.
ثم بعد سنوات تقدم الاستقالة أو تضيع الأسرة، أو يطلقها الزوج، ثم جاءت المصيبة الأخرى، لو قال الزوج: يا زوجتي! أنت تعملين، والأطفال ضائعون، وأنا لا أريد الخدامة، أريد أن أتزوج زوجة ثانية بالحلال؛ تقوم الدنيا ولا تقعد! وتؤيدها في ذلك الصحافة وأمثالها: كيف تتزوج اثنتين؟ كأن -عياذاً بالله- مبدأ النصارى المنحرف أصبح هو مبدأنا، كيف يتزوج فلان؟ كيف يتزوج عليها؟ فتصيح وتضج، حتى أصبح بعضهن عياذاً بالله يفضلن أن يذهب أزواجهن إلى أماكن الفساد - بانكوك، مانيلا - شهر شهرين ولا يتزوج عليها! سبحان الله! كيف وصل الأمر إلى هذا الوضع المؤلم؟ فلو تزوج انشقت العائلة، وصارت الفتنة، وقد تستقيل، وإذا استقالت عطلنا هذه الوظيفة، وعطلنا العمل الذي كانت فيه، ولم تنجب الأمة الأطفال من كل ناحية نجد مفاسد عديدة! لكن لو أعطيت الوظيفة للخريج، وتزوج تلك الفتاة خريجة أو غير ذلك، وبنى أسرة، هو رجل يعمل ويكدح وهي في البيت تربي الأجيال، وهو أقدر منها على التصرف بالمال بحكمة، وليس كل أحد، ولكن في الجملة الرجل أحسن تصرفاً ولا سيما فيما يتعلق بالزينة وبما اشتهى.
في الاتحاد السوفيتي، الدولة الشيوعية الكافرة الفاجرة، المرأة التي تنجب عشرة أطفال من حلال أو حرام، المهم أنها تثبت أنها أنجبت من رحمها عشرة أطفال تعطى وساماً تعلقه على صدرها، وتقدم لها تسهيلات في الركوب، وتركب أي مكان وتنزل في أي مكان، وتعطى شيئاً من الحصانة؛ لأنها استطاعت أن تنجب عشرة أطفال، طبعاً هذا غير المسلمات، لأنها أنجبت عشرة أطفال اشتراكيين عماليين.
إذا جئنا إلى واقع المرأة من هذه الزاوية وأخذنا مثالاً: المرأة التي تتزوج وهي في الثامنة عشرة -وفي مجتمعنا كانت الفتاة تتزوج وهي في الخامسة عشرة على الأقل- هذه المرأة إذا تزوجت وهي في الثامنة عشرة مثلاً إذا وصلت إلى الأربعين كم نتوقع أن يكون عندها من الأطفال؟ في العادة في مجتمعنا هذا قد يصلون إلى ستة، فلنفرض أنهم خمسة فقط مع أن هذا قليل جداً، ولنفترض أن الطفل الأول ولد وهي في سن الثامنة عشرة أو العشرين، عندما يكون عمرها أربعين سنة كم يكون عمر الطفل الأول؟ عشرون سنة، إذاً: شاب قوي، ما شاء الله! والذي بعده ثماني عشرة سنة، شاب قوي، والذي بعده خمس عشرة سنة أيضاً الحمد لله شاب، وكذلك وإن كانت فتاةً، الثاني أو الثالث أيضاً في سن الزواج.
إذاً: هذه الأمة بعد جيلين أو ثلاثة يتضاعف عدد سكانها، وتبقى أمةً شابة، الشباب فيها متجدد، لكن لو أن المرأة توظفت وعملت ولم تتزوج -كما يقال أحياناً في زوايا المجلات- فضلت واختارت العمل على الزواج بئس الاختيار والله! اختارت العمل على الزواج.
حسناً: عندما يصير عمرها أربعين سنةً تصبح عجوز، مجهدة، منهكة، محطمة نفسياً لأنها لم تتزوج، لا تستطيع أن تستمر في العمل لكبر السن وللعوامل النفسية والطبيعية والصحية إلخ، ثم قد لا تتزوج إلى الأبد، وإن تزوجت وهي في الأربعين فأي إنسان يأتي مهما كانت الشروط ترضى وتأخذ، ثم مرت عليها هذه العشرون سنة لم تعطي العطاء الصحيح أثناء العمل، ومع ذلك فهي هرمة، والأخرى تلك نجد نفسيتها أفضل، صحتها أحسن، تعيش في بيت وفي أسرة مطمئنة، وفي هذا البيت هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم من العشرين إلى الثمانية عشرة إلى الخامسة عشرة إلى الثانية عشرة إلى العشر سنوات إذاً: انظروا كم قد قدمت هذه للأمة من خدمة، لو نظرنا بالحسابات المادية المجردة: أيهما التي قدمت خدمة أفضل لأمتها: هذه التي لديها هذا العدد -ما شاء الله! - من الشباب، أم تلك الهرمة التي لا تملك شيئاً إلا نفسيةً محطمةً تفرزها على المجتمع نقمةً وسخطاً وكآبة ومطالبات لأمور لا يحق لها أن تطالب بها؟ أقول: من هذا المثال يتبين لنا أن الأمة كلها لو سارت على نهج الإسلام، وتزوجت الفتيات في سن الزواج، وانصرفن إلى الوظيفة العظمى وهي الأمومة وما يتعلق بها، وكان العمل محدوداً في مجال وميدان المرأة، ومحكوماً بالأسس والأحكام الشرعية الواضحة التفصيلية، وترك المجال للشباب كيف تكون حال هذه الأمة؟ وبالمقابل: كيف لو أن الأمة انساقت وراء هؤلاء الهدامين، وفضلت نساؤها العمل على الزواج، وتركن إنجاب الأطفال، وبقيت العمالة الوافدة بمفاسدها وبما فيها من شرور، وأصبحت الأمة أمةً هرمةً، أمةً لا تملك الشباب، وهم القوة التي تحرص كل أمة عليها.