إن أي خطر يهدد الأسرة، فإنما هو دمار للأمة، وكل داعٍ يدعو بطريقٍ مباشر أو غير مباشر إلى تدمير الأسرة، فإنما هو يدعو إلى تدمير الأمة، سواء قال بلسان الحال، أو بلسان المقال:(دمروا هذه الأسرة)(فرقوا بين الزوج والزوجة)(أضيعوا الأبناء)، أو قال:(دمروا هذه الأمة)، (مزقوها بالصواريخ والقنابل)، الحال لا يختلف، ولكن أعداء الله تبارك وتعالى يمكرون ومكرهم خفي، وهم بهذا جنود الشيطان الرجيم، عدو بني آدم، وعدو هذه الأمة المسلمة بالذات، الذي أحب من لديه و {أفضل جنوده، هو الذي يأتي إليه فيقول: مازلت بفلان حتى فرقت بينه وبين زوجته}.
إذا هدم البيت، وهدمت الأسرة، ضاع الأطفال، وضاع الزوج، وضاعت الزوجة، ثم ضاعت الأمة وضاع المجتمع، وهذا ما يريد أن يتوصل إليه أصحاب الغزو الفكري، حيث إن مفكرين غربيين من الذين يفكرون على مدىً بعيد في هذه القضية قد أيقنوا -وكتبوا ذلك- أن تدمير الأسرة هو تدمير للأمة، وأن بناء الحضارات وبقاءها واستمرارها إنما يكون باستمرار الأسرة.
أرنولد توينبي المؤرخ الإنجليزي المشهور الذي كتب عما يقارب عشرين حضارة مندثرة منقرضة أو باقية، أَوْلهَا آثارٌ في الوجود، وجد من الظواهر المشتركة في انهيار جميع الحضارات أنها تنهار عندما ينتشر الترف، وتخرج المرأة من البيت، وتنشغل عن تربية الأبناء، هذا ما كتب!! وكما وضح ذلك أيضاًَ المؤرخ الألماني المشهور الذي يدعى شبنجلر الذي كتب وتنبأ بسقوط الحضارة الغربية في حوالي عام (١٩٢٠م) تقريباًَ قبل أن تبلغ قوتها التي هي عليها اليوم، وقبل أن تظهر علامات الانهيار الموجودة اليوم، يقول: ' إن كل حضارة من الحضارات تنهار وتتدمر إذا خرجت المرأة، واهتمت بشهواتها ونزواتها، وتركت الأسرة، فضاعت الأسرة، وضاعت الفضيلة من المجتمع '.