للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم كشف الوجه للمرأة]

السؤال

هل كشف الوجه واليدين في المرأة من الحجاب الإسلامي؟

الجواب

إنني لن أحدثكم عن كشف الوجه واليدين بسرد الأدلة من الكتاب والسنة، وإنما سوف أناقشكم أو أسألكم بأمر، تعرفون من خلاله الحكم في ذلك، ولا سيما وأنتم تعرفون أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إنما شرع هذا الدين -وبالذات الأحكام والآداب- من أجل الطهارة، والتزكية للنفوس والقلوب.

فنسأل ونقول: ما هو الشيء الذي يتغزل فيه الشعراء ويتغنى به المجَّان من المرأة؟ أهو وجهها أم أقدامها؟! ومن نظر إلى دواوين الشعر من الجاهلية إلى الإسلام -وحتى هذا العصر- فسيجد القصائد الغزلية -كما تسمى- وأحياناًَ كل قصيدة، كما قال المتنبي:

فهل كل من قال المديح متيم

ومن أي قصيدة حتى في المديح فسيجد فيها عشرة أبيات -على الأقل- في المرأة، وفي وصف العينين والخد، وأحياناً في وصف الخصر والرجلين، لكن الأصل في القصيدة هو وصف الوجه؛ لأنه محط النظر، ولذلك تجد اللقطات الخبيثة الفاجرة، التي يأتي بها هؤلاء الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا فيعرضونها في الأفلام وفي المجلات، ولكن الذي يهمهم أن يبرزوه وأن يفتنوا به الناس هو الوجه، ولا نقصد -بطبيعة الحال- العورة، لكن نقصد الشعر والعيون والشفتين والأنف وما أشبه ذلك وكلها في الوجه.

فهذا هو موضع الفتنة، فهل يظن أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما شرع الطهارة والعفة والحجاب للمسلمات، لتستر المرأة شعرها ونحرها ورجليها، ويبقى موضع الفتنة؟! وأنا قلت لكم: إنني لن أذكر الأحاديث الصحيحة لأنكم تعلمونها، لكن أعرج على حديث واحد -فقط- لتعرفوا هذا الحكم، وهذا الحديث في صحيح البخاري في أكثر من موضع، وكذلك في غيره: {خرجت أم المؤمنين سودة في الليل لقضاء حاجتها، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد نزول الحجاب فقال: قد عرفناك يا سودة، فانكفأت وانصرفت رضي الله عنها ولم تقض حاجتها، وجاءت إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يده عرق من اللحم يتعشى، فسألته عن ذلك: فتغشى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرحضاء، فلما أفاق منه قال: إن الله قد أذن لكُنَّ أن تخرجن لحاجتكن}.

ومن تأمل كيفية فهم الصحابة للحجاب، يجد أن الصحابة كانوا يظنون أن الحجاب معناه ألا تُعرف المرأة أبداً ولو من بعيد، فأذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن تخرج المرأة لحاجتها وإن عرفت، فليس الغرض أن تعرف أو لا تعرف، والتفسير الصحيح لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:٣١] هو أن المرأة إذا كانت نحيفة، فقد تكون جميلة في عيون بعض الناس، لكنها لا تستطيع أن تخفي ضعفها إذا خرجت لضرورة، وأما إذا كانت سمينة -وبعض الناس والعرب عموماً يعجبهم أن تكون المرأة سمينة- فإنه مهما تحجبت يظهر أنها سمينة فتفتن، فهذا مما ظهر منها، ولا تملك أن تخفي سمنها، فهذا الذي عفي عنه للمرأة.

والمقصود: أن الصحابة فهموا من الحجاب ألا تُعرف المرأة، فلو أن المرأة لا تغطي وجهها، هل يحتاج أن يقال عرفناك؟! لو قيل ذلك لاعتبر من العبث في القول، لأن الإنسان إنما يعرف بوجهه، وهذا أحد الأدلة، بالإضافة إلى أن معنى الخمار نفسه في لغة العرب: هو ما كان مرادفاً للنصيف وهو ما خمر وستر وغطى، والنصيف في لغة العرب، ما يغطي النصف الأعلى من الجسم، كما جاء في الحديث الصحيح من قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصف الحور العين: {نصيفها على رأسها خير من الدنيا وما عليها}.

فمن ناحية الأدلة الشرعية، ومن حيث الوضع والعرف المشاهد والحس، ومن حيث اللغة نجد أنه لا بد أن تغطي المرأة وجهها وكفيها.