للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السبيل إلى القيادة والريادة]

السؤال

كما ترون أن العالم الغربي والشرقي قد اكتشفوا وابتكروا واخترعوا أشياء كثيرة فكيف يربط المسلم بين كلٍ من تعلم التكنولوجيا الحديثة وتعلم العلم الشرعي وحفظ كتاب الله والدعوة إلى الله بشرط أن لا تؤثر على استقامته ودينه، حيث أنه ولا بد أن يحتك بهؤلاء الغربيين والشرقيين غير المسلمين إلخ؟

الجواب

طلبة العلم الشرعي ليس مطلوب منهم أن يذهبوا ليتدربوا على التكنولوجيا، لكن من فرَّغته الأمة لهذه التكنولوجيا يجب عليه أن يتقنها، بشرط أنه إن ذهب إليهم أو خالطهم أن يذهب وهو مؤمن ويرجع وهو مؤمن، ليست المشكلة في نقل التكنولوجيا، القضية قضية إرادة، إذا توجهت إرادتك لأن تحقق أمراً فسوف تحققه.

هذه فطرة هذه سنة، وقد تحدثنا عنها في محاضرة سابقة في عطلة الربيع، فالإرادة الإنسانية والحافز الموجود أو الدافع له أثر في تحقيق أي شيء، كل التجارب النفسية الفردية تثبت ذلك فكيف بإرادة الأمم؟ مثلاً: يذكرون أنه في سباق المرثون -وهو شعيرة جاهلية يونانية- يجري اللاعب عشرين كيلو مثلاً ويسقط، وعندما يفحص الأطباء هذا الذي سقط يجدون أنه كان بإمكانه أن يواصل عشرة أميال أو خمسة مثلاً، لماذا سقط؟ لأنه سقط نفسياً.

تجارب أخرى: وجدوا أن الإنسان إذا كان ضعيفاً منهكاً مجهداً تقول له: خذ هذه الحبة ابلعها، يقول: لا أستطيع أن أمد يدي حتى آخذها، لكن لو سلطت عليه وحشاً أو ثعباناً في الغرفة ستجده يقفز عشرة أمتار، وقد ذكروا أن رجلاً قفز عشرة أمتار، وقد كان مقعداً، لماذا؟ إنه الحافز.

ولذا المسألة هذه ليست مسألة كيف نأخذ التكنولوجيا، نبدأ نتعلم من (أب) وأما متى نصل إلى الكمبيوتر والمفاعل الذري، فهذا طريق غير صحيح، لا تنظر إلى الناحية المادية، اشحذ العزيمة والهمة تجد العجب العجاب.

إمبراطور اليابان أرسل أول دفعة إلى أوروبا فرجعوا بالبنطلونات وبالسجائر ويتكلمون بالإنجليزي والألماني، عجيب!! هذا الذي أُرسلتم من أجله؟ فقيل: إنه جمعهم في ميدان وحكم عليهم بالإعدام، وأرسل دفعة ثانية، وقال: اذهبوا فذهبوا باللباس الياباني، ويطبخون على الطريقة اليابانية، ويأكلون بالطريقة اليابانية، ويتكلمون باليابانية، فرجعوا بالتكنولوجيا الأوروبية، والآن اليابان تنافس أوروبا حتى أنها اقتحمت أوروبا الشرقية قبل أن تخطط ألمانيا الغربية وغيرها من الدول اقتحامها، والسبب أنهم أوجدوا عند الناس الإرادة.

فيتنام كيف استطاعت أن تهزم أمريكا؟ نفس الشيء، وجدت إرادة مع أن الجميع كفار، هذه الإرادة إذا وجدت فلا يوجد حافز ولا إرادة أقوى من الإيمان بالله، ولا أقوى من جهاد أعداء الله، ولا أقوى من طلب الجنة الجنة يا إخوان! لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها، هذه الجنة أقوى حافز، فالهارب يضاعف الهرب إذا علم أنه يهرب من النار، والطالب يضاعف الطلب إذا علم أنه يطلب الجنة، سلعة الله الغالية، التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليها، إذا كنا نريدها فعلينا أن نشحذ الإرادة وننتصر، وإن كنا نريد فقط أن تكتب الصحافة الغربية عنا أننا تطورنا وعندنا شوارع إلخ، وعندنا كذا، وتأتي بصور لبعض مناطق، فسنظل على هذا الوضع قروناً ولن نصل إلى شيء، فالمرء حيث يضع نفسه، والأمة حيث تضع نفسها، ضعها في القيادة تجد أنك قائد.

مثلاً: -شيء واقعي جداً نذكره من واقع الحياة- لو اجتمع عشرون لاعباً وذهبوا يلعبون كرة، فقام أحدهم وأمسك الكرة.

وقال: أنا الكابتن وصرخ عليهم اسكتوا وجعلوه الكابتن، فعلاً؛ لأنه أثبت شيئاً، لكن لو جعل نفسه لاعباً كأي لاعب وضعوه حارساً أو وضعوه حكماً، المهم أنت حيث تضع نفسك، لهذا يقول الله تعالى: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩] لكن قلنا بألسنتنا نحن قادة العالم نحن، ونريد أن نلتحق بركب الحضارة سنظل في الذيل؛ لأننا ما فكرنا إلا بالالتحاق، ولم نفكر في السباق والقيادة.