أولاً: الشرط الأول: المتابعة والموافقة لما شرع الله تبارك وتعالى، فالبدع مردودة على أهلها، فمهما اجتهدوا وتعبدوا وأخلصوا في نظرهم، فالبدع مردودة، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{كل بدعة ضلالة} وقال: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد}، وقال:{من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} أي: مردود لا يقبل.
وإن ظن أنه فعله لوجه الله تبارك وتعالى، كما فعل الثلاثة النفر الذين عزموا على أنفسهم، فقال الأول: أقوم الليل ولا أنام، وقال الثاني: لا أتزوج النساء، وقال الثالث: لا آكل اللحم، وما أشبه ذلك، فكل عملٍ يعمله العبد ويظن أنه مخلص ويتعبد به، لن يكون فيه أكثر عبادةً من الخوارج، ولن يكون أكثر عبادةً من رهبان اليهود والنصارى والهندوس ممن تَرَهَب منهم.
ولذلك فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن ذكر الخوارج وعبادتهم قال:{تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وعبادتكم إلى عبادتهم -ثم قال:- يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية} والرمية: هي ما يرمى من الصيد كظبيٍ أو نحوه، فيدخل السهم فيخترقه ويخرج، فلا يكاد يرى راميه فيه شيئاً من أثر، ومعنى ذلك أنهم يأتون الدين، ويخرجون منه بلا شيء، أو بما لا يكاد يُرى.
ليس لأنهم لم يتوفر لديهم شرط الإخلاص؛ ولكن لأنه لم يتوفر لديهم شرط الموافقة والمتابعة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا الذي ذكر الله تبارك وتعالى في قوله:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}[الكهف:١١٠]، فالعمل الصالح هو الموافق لما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.