[تفسير قوله تعالى:(وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية وسنزيد المحسنين)]
قال تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة:٥٨] يعني: بعدما بقوا في صحراء التيه وخرجوا منها: ((وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا)) قلنا لهم بعد خروجهم من التيه: ادخلوا هذه القرية بيت المقدس أو أريحا.
((فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا)) يعني: أكلاً واسعاً لا حجر فيه: ((رَغَدًا))، أي: لا حجر فيه: ((وَادْخُلُوا الْبَابَ)) يعني: ادخلوا بابها سجداً، والباب هنا المقصود به: باب القرية ((سُجَّدًا)) يعني: منحنين أو ركعاً، والانحناء قد يسمى سجوداً ((وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا)) أي: منحنين؛ لأجل مهمة كبرى، وهل يمكن أن يدخلوا الباب وهم ساجدون؟ سيبقى الأمر صعباً أن يزحف على الأرض وهو ساجد، فلذلك تعيَّن أن يفسر قوله:(وادخلوا الباب) أي: باب القرية (سجداً) أي: منحنين، لكي يستطيعوا أن يمشوا، والمقصود: وهم راكعون.
(وقولوا حطة) يعني: مسألتنا حطةٌ؛ لأنها مرفوعة هنا، فلا بد أن تقدر كخبر، ولو قلنا إن تقديرها:(نسألك حطة) لكانت منصوبة، والمعنى: نسألك أن تحط عنا ذنوبنا، وتغفر لنا هذه الذنوب.
وهنا أمرهم بفعل وقول، أما الفعل فهو: السجود، والقول: أثناء الدخول يقولون: حطة، يعني: حُطّ عنا خطايانا، فهم عكسوا الفعلين، لا امتثلوا في الأمر ولا في الفعل.
وقوله:((وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ)) في قراءة (يُغفر لكم خطاياكم).