للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الغلام المبشر به في قوله تعالى: (وبشروه بغلام عليم)]

يقول ابن القيم: وهذا الغلام إسحاق لا إسماعيل.

موضوع الآيات التي فيها الخلاف هي الآيات المتعلقة بالذبيح هل هو إسماعيل أم إسحاق؟ قطعاً هو إسماعيل عليه السلام بخلاف ما يقوله أهل الكتاب، ووافقهم للأسف بعض العلماء.

قوله: وهذا الغلام إسحاق لا إسماعيل؛ لأن امرأته عجبت من ذلك فقالت: عجوز عقيم لا يولد لمثلي، فأنى لي بالولد، وأما إسماعيل فإنه من سريته هاجر، وكان بكره وأول ولده، وقد بين سبحانه هذا في سورة هود في قوله تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود:٧١].

أي: بشرناه بإسحاق وزيادة على إسحاق أنه سوف يرزق من إسحاق ولداً ويعيش حتى يرى هذا الولد الذي هو يعقوب ((فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ)) وهذا يفهم منه أن إسحاق سيعيش حتى يبلغ مبلغ الرجال وينكح ويولد له.

أما الذبيح فقد كان غلاماً وهو إسماعيل، قال الله عز وجل: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:١٠٢] فلو كان هو إسحاق لتنافى مع هذه الآية؛ لأن البشارة أخبرت أن إسحاق سوف يعيش إلى أن يتزوج بل ويولد له يعقوب، فيصدق هذا على إسماعيل وليس على إسحاق، وهذه القصة التي في سورة هود: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود:٧١] هي نفس هذه القصة التي وردت في سورة الذاريات من الإكرام لهؤلاء الضيفان.