((ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي)) هذا إعلام بأن نوحاً حملته شفقة الأبوة وعاطفة الرحم والقرابة على طلب نجاته؛ لشدة تعلقه به واهتمامه بأمره، وقد راعى مع ذلك أدب الحضرة الإلهية وحسن السؤال فقال:((وإن وعدك الحق)) ولم يقل: لا تخلف وعدك بإنجاء أهلي.
وإنما قال نوح ذلك لفهمه من الأهل أن ابنه يدخل في أهله الذين وعدهم الله بالإنجاء، ففهم من الأهل ذوي القرابة الصورية والرحم النسبية، ولفرط التأسف على ابنه غفل عن أن ابنه مستثنى، وذلك لقوله تبارك وتعالى:((وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ))، ولم يتحقق أن ابنه هو الذي سبق عليه القول، فاستعطف ربه بالاسترحام وعرض بقوله:((وأنت أحكم الحاكمين)) أي: أنك العادل والحكيم الذي لا يخلف وعده.