واختلف العلماء في تفسير قوله تعالى:(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ).
فقال بعض العلماء: إن المقصود بالقرب هنا قرب العلم.
يقول الشهاب: تجوّز بقرب الذات عن قرب العلم.
يعني: كأنه يرى أن هذا تعبير مجازي، أي أن المقصود قرب العلم؛ لتنزهه عن القرب المكاني، فهذا هو الذي ألجأه إلى أن يقول: إن هذا تجوز مجازي، لأن الله منزه.
إذاً: القرب من الشيء سبب للعلم به وبأحواله في العالم، والمعنى أنه تعالى أعلم بأحواله خفيها وظاهرها من كل عالم، فقد ضرب المثل في القرب بحبل الوريد؛ لأن أعضاء المرء وعروقه متصلة على طريق الجزئية، وحبل الوريد عرق معروف في جانبي العنق، فهي أشد اتصالاً بما اتصل به من الخارج.
وخص هذا الوريد؛ لأن به حياته.
والحبل العرق، وشبه بواحد الحبال، فإضافته للبيان، أو هي من إضافة العام للخاص.
فقوله:((وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)) قرب الله أشد في الحقيقة من قرب حبل الوريد؛ لأن أعضاء الإنسان يحجب بعضها بعضاً، لكن هل يحجب علم الله شيء؟ لا يحجب علم الله شيء.