[تفسير قوله تعالى:(إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم)]
قال تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}[القلم:٣٤].
أي: إن للمتقين في الآخرة جنات ليس فيها إلا التنعم الخالص لا يشوبه ما ينغصه كما يشوب جنات الدنيا، فمن يعيش في جنة من جنات الدنيا لا بد أن يكون في هذه الجنة ما ينغصه، وليس هذا فحسب، بل أي نعيم خلق في الدنيا لا بد أن يخالطه ما يشوبه وينغصه، إما في سبيل الحصول عليه حتى إذا ما حصل ففي سبيل استبقائه، أو إذا فاته فإنه ينغص عليه عيشه، أو إذا بقي معه فإنه ينشغل بحفظه ورعايته، أو يحزن لما يلم به من الآفات ونحو ذلك، حتى نعيم الأكل والشراب فيه كل هذا التنغيص.
فقوله تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} المقصود النعيم الخالص الذي لا يشوبه ما يكدره ولا ما ينغصه كما يشوب جنات الدنيا.
وكان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها، فإذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد الله المؤمنين قالوا: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه لم يكن حالنا وحالهم إلا مثل ما هي عليه في الدنيا، وإلا لم يزيدوا علينا ولم يفضلونا، وأقصى أمرهم أن يساوونا.
يظنون أن الله كما آتاهم نعيم الدنيا فسوف يكون بالمثل في الآخرة، كما أوضحت ذلك آيات من كتاب الله تبارك وتعالى.