[تفسير السيوطي لقوله تعالى:(الذين قالوا إن الله عهد إلينا) وما بعدها]
يقول السيوطي رحمه الله تعالى هنا:((الَّذِينَ)) هذه نعت للذين قبله ((قَالُوا)) أي: لمحمد صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا)) أي: قد عهد إلينا في التوراة ((أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ)) أي: لا نصدق رسولاً ((حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ))، فلا نؤمن لك حتى تأتينا أنت أيضاً بقربان تأكله النار، وهو ما يتقرب به إلى الله من نعم وغيرها، فإن قبل هذا القربان جاءت نار بيضاء من السماء فأكلته وإلا بقي مكانه.
والعهد إلى بني إسرائيل كان موجوداً، لكن في حق المسيح ومحمد لم يعهد إليهم بذلك، قال تعالى:((قُلْ)) لهم توبيخاً: ((قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ)) أي: بالمعجزات ((وَبِالَّذِي قُلْتُمْ)) كزكريا ويحيى فقتلتموهما، والخطاب لمن في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كان الفعل لأجدادهم؛ لكنهم كانوا راضين بفعل أجدادهم.
((فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) أي: في أنكم تؤمنون عند الإتيان به.
((فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ)) أي: المعجزات ((وَالزُّبُرِ)) كصحف إبراهيم وفي قراءة بإثبات الباء فيهما.
((وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ)) أي: الواضح وهو التوراة والإنجيل، والمعنى: فاصبر كما صبر هؤلاء الرسل الذين كُذِّبوا.