((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا)) أي المصدقة له ((إِلَى فِرْعَوْنَ))؛ لينهاه عن الاستعباد، ((وَمَلَئِهِ)) أي: لينهاهم عن التعبد له.
وقوله:((فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، أي: فأبان أنه لا يستحق العبادة غير الله تبارك وتعالى، وأنه ليس لأحد سواه عبودية؛ لأنها حق الربوبية المطلقة لله عز وجل.
أي: فلما أتاهم بالحجج على التوحيد، والبراءة من الشرك، إذا فرعون وقومه يضحكون، كما أن قومك مما جئتهم به من الآيات والعبر يسخرون، وهذا تسلية من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، عما كان يلقى من مشركي قومه، وإعلان منه لهم أن قومه من أهل الشرك لن يعدوا أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله، وإرشاد له صلى الله عليه وسلم بالصبر عليهم أخذاً بسنن أولي العزم من الرسل، وإخبار منه له أن مردهم إلى البوار والهلاك، كسنته في المتمردين عليهم قبله، وإظهاره عليهم وإعلائه أمره، كالذي فعل بموسى عليه السلام وقومه الذين آمنوا به، من إظهارهم على فرعون وملئه.
ثم أشار إلى أن موجب الهزء لم يكن إلا لعناد، فما كانوا يهزئون من الآيات والمعجزات التي جاءهم بها موسى عليه السلام لقصور في تلك الآيات على ما تدل عليه، وإنما لمجرد العناد، ومحض الاستكبار والجحود، كما بين موجب هذا الهزء بقوله:((وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا)).
أي: أختها السابقة عليها، ((وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ)).
أي: العذاب الدنيوي مما يلجئ إلى الرجوع، ((لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)).
فسلط الله عليهم العذاب الدنيوي إلجاءً لهم إلى الرجوع وإلى التوبة.