هناك بعض التوضيحات التي تتعلق بهذه الآية الكريمة وهي مستقاة من (أضواء البيان)، قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى مبيناً بعض المسائل منها: أن الشرك في الحكم كالشرك في العبادة، قال الله سبحانه وتعالى في حكمه:{وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}[الكهف:٢٦] وهذا على أساس أن (لا) هنا نافية، أي: أن الله لا يشرك في حكمه أحد، تأمل استعمال الإشراك في الحكم، ذلك لعلم الله أن هناك شركاً في الحكم كالشرك في العبادة.
وفي قراءة ابن عامر من السبعة:(ولا تشرك في حكمه أحداً) يعني: لا تشرك يا نبي الله في حكمه أحداً، أو لا تشرك أيها المخاطب! في حكم الله أحداً.
وقال سبحانه في عبادته:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:١١٠]، فالأمران سواء، وكلاهما شرك بالله العظيم، فالحلال حلال الله، والحرام حرام الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه كفر بواح لا نزاع فيه.
أي: إذا حكم إنسان بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى معتقداً أن شرع المخلوق مثل شرع الله فهو كافر، أو أن شرع المخلوق أفضل من شرع الله فهو -من باب أولى- كافر مشرك، وكل من أطاع غير الله في تشريع مخالف لما شرعه الله فقد أشرك به مع الله كما يدل لذلك قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}[الأنعام:١٣٧]، أي: لما أطاعوهم في قتل الألاد.
وقال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى:٢١]، فسمى هؤلاء الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله شركاء.
وذكر تعالى أن الشيطان يقول للذين كانوا يشركون به في الدنيا:{إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}[إبراهيم:٢٢].
إذاً: فهذه هي المسألة الأولى، وهي: أن الشرك في الحكم كالشرك في العبادة.