للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين)]

قال تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:٥٤].

((وَمَكَرُوا)) أي: كفار بني إسرائيل، مكروا بعيسى عليه السلام إذ وكلوا به من يقتله غيلة.

الواو هنا تعود على الذين أحس عيسى منهم الكفر من بني إسرائيل.

((وَمَكَرَ اللَّهُ)) أي: في المقابل مكر الله سبحانه وتعالى بهم، بأن ألقى شبه عيسى على من قصد قتله، وهذا التفسير هو الذي اعتمده السيوطي.

يقول القاضي كنعان: الصحيح أن الذي ألقي عليه شبه عيسى كان أحد تلاميذه من الحواريين، فقتلوا هذا الذي ألقي عليه الشبه ورفع عيسى إلى السماء، ونجاه الله سبحانه وتعالى من بين أيديهم.

((وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) أي: أعلمهم به، وهذه الصفة بلا شك أنها في حق الله تبارك وتعالى على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى، كقوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:١٤٢]، وكقوله تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٥].

يرد علينا سؤال وهو: هل يجوز في الدعاء أن يقال: يا خير الماكرين امكر لي؟

الجواب

أجاز بعض العلماء ذلك، واستشهدوا بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: (اللهم امكر لي ولا تمكر علي).