[تفسير قوله تعالى:(أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد)]
يقول عز وجل:{أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}[ق:١٥].
((أَفَعَيِينَا)) الهمزة للإنكار، يعني أفعجزنا عن ابتداء الخلق في أوله حتى نعجز عن الإعادة؟! فالعي هنا بمعنى العجز، ويأتي أحياناً بمعنى الجهل.
قال الكسائي: تقول أعييت من التعب، وعييت من انقطاع الحيلة والعجز عن الأمر.
وهذا هو المعروف والأفصح وإن لم يفرق بينهما كثير.
والخلق الأول هو الإبداء على ما ذكر، ويحتمل أن يراد به خلق السماوات والأرض؛ لأن خلق الإنسان متأخر عنه، وهذا التفسير يدل له قوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ}[الأحقاف:٣٣].
وقوله:((أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)) كأنه قيل: هم معترفون بالخلق الأول، ومعروف أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية وأن الله خلقهم وأنشأهم، فإذا أقررتم بالخلق الأول فلا وجه لإنكار الثاني.
قوله:((بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ)) يعني: بل اختلط عليهم الأمر والسبب؛ لعدم فهمهم إعادة ما مات وتفرق أجزاؤه، وإعراضهم عن سلطان القدرة الإلهية وسهولة ذلك في المقدورات الربانية.