تفسير قوله تعالى:(قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجبِّ)
قال تعالى:{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ}[يوسف:١٠].
((قال قائل منهم)) أي: قالها قولة صريحة ورضي الباقون بهذا الاقتراح: ((لا تقتلوا يوسف)) لأن القتل من الكبائر التي يخاف معها سد باب الصلاح، فهم قالوا:{اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}[يوسف:٩] وهذا قال لهم: إذاً القتل كبيرة موبقة ربما تسبب شؤمها في أن يسد عليكم باب الصلاح فيما بعد، وإنما أظهره في مكان الإضمار؛ استجلاباً لشفقتهم عليه، أو استعظاماً لقتله.
((وألقوه في غيابة الجب)) أي: في غوره، والجب: البئر التي لم تطو.
((يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ)) أي: يأخذه بعض الأقوام الذين يسيرون في الأرض فيتملكه، فلا يمكنه الرجوع إلى أبيه، فيحصل مطلوبكم بكونكم تتخلصون من يوسف ويخلو لكم وجه أبيكم من غير ارتكاب كبيرة يخاف معها سد باب الصلاح عليكم.
((إن كنتم فاعلين)) أي: إن كنتم عازمين مصرين على أن تفرقوا بينه وبين أبيه، وقد روي: أن القائل هو أخوهم الأكبر.