[أدلة البعث والنشور]
قبل أن أتجاوز هذه الآية أشير إشارة سريعة إلى أن أدلة البعث والنشور قد تكاثرت جداً في القرآن الكريم، وسبق أن ذكرناها ودرسناها بالتفصيل في كتاب (الإيمان باليوم الآخر) للدكتور عمر الأشقر حفظه الله في الجزء الثاني في صفات اليوم الآخر وهو القيامة الكبرى، فنعيد تذكرتكم بالعناوين فقط دون الأمثلة.
أولاً: من أدلة البعث والنشور إخبار العليم الخبير بوقوعه يوم القيامة، وهذا له صور شتى.
ثانياً: الاستدلال على النشأة الأخرى بالنشأة الأولى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:١٠٤].
ثالثاً: الاستدلال بأن القادر على خلق الأعظم قادر على خلق ما دونه.
رابعاً: الاستدلال بقدرته تعالى على تحويل الخلق من حال إلى حال: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٨].
خامساً: إحياء بعض الأموات في هذه الحياة الدنيا، مثل: قوم موسى عليه السلام، وهذه القصص أكثر ما تكون في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:٥٥ - ٥٦]، فهذا بعث ونشور بعد الموت.
وكذلك قوله تبارك وتعالى في قصة البقرة: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة:٧٣]، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة:٢٤٣].
وقوله تعالى: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا)).
وقوله تعالى هنا حكاية عن إبراهيم عليه السلام: ((رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)).
سادساً: ضربه المثل بإحياء الأرض بالنبات بعد موتها، فالذي قدر على أن يحيي الأرض بعد موتها قادر على بعث الناس ونشورهم.
سابعاً: ما ذكرناه من أن حكمة الله تقتضي بعث العباد للجزاء والحساب، ولا يمكن أبداً أن تكون من حكمة الله عز وجل أن تنتهي الدنيا بهذه الصورة، نجد المظلوم قد ظلم الناس وأخذ حقوقهم، وآذاهم وعذبهم واضطهدهم ثم يموت الظالم والمظلوم، فالحكمة تقتضي أن هذه ليست النهاية، بل لا بد من يوم آخر ينتصف فيه المظلوم من ظالمه، ويعاد الحق إلى صاحبه.