بين الله تبارك وتعالى في هذه الآية إلى أن ذلك بسببين: أحدهما: وهبي، والآخر: كسبي.
أما الوهبي: فهو فضل الذكورة، (بما فضل الله به بعضهم على بعض) والبعض المفضل هو الرجال على بعض وهو والنساء، وقد ذكروا في فضل الرجال على النساء أموراً كثيرة، فمثلاً في الرجال: العقل، والحزم، والعدل، والقوة، والفروسية، والرمي، ومن الرجال الأنبياء، وفيهم الإمامة الكبرى، والإمامة الصغرى، والجهاد والأذان والإقامة والشهادة في المجامع، والولاية في النكاح والطلاق، والرجعة، وعدد الأزواج، وزيادة السهم والتعصيب، وهم أصحاب اللحى والعمائم كما يذكر العلماء، والكامل بنفسه له حق الولاية على الناقص بنفسه، فهذا فيما يتعلق بالتفضيل الأول، وأشار للتفضيل الثاني وهو التفضيل الكسبي بقوله تبارك وتعالى:((وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، فهذا السبب الثاني للقوامة:((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، والنساء ما زلن يتذكرن قوله تعالى آنفاً:((وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا)) إلى آخره، والنساء العاقلات لا يعترضن على هذا؛ لأن هذا أمر واقعي.
وهناك استثناءات من هذا، فقد يكمل بعض النساء فتكون امرأة فعلاً بعدة رجال في دينها وعقلها وحفظها، لكن الغالب بخلاف ذلك، كما يقول الشاعر في فضليات النساء: فلو كان النساء كمن ذكرن لفضلت النساء على الرجال وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ويكفي دليلاً على ذلك -حتى لا نطيل في هذه القضية التي يحلم كثير من الناس الإفاضة فيها- أن عامة النساء تفضل أن يكون مولودها ذكراً على أن يكون مولودها أنثى.
فقوله تعالى:((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ))، أي: يقومون على النساء، يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن.
((بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ))، أي: بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك.
((وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، وبما أنفقوا عليهن من أموالهم، تكون في المهور وغير ذلك.
((فَالصَّالِحَاتُ)) أي: الصالحات من النساء ((قَانِتَاتٌ)) هذه صفة الصالحات من النساء وهي أنهن مطيعات لأزواجهن.