((بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ)) يعني: عجبوا لأنهم جاءهم منذر من جنسهم، لا من جنس الملائكة ولا من جنس الجن مثلاً، وإنما هو من جنسهم بشر مثلهم.
أو المقصود منه من جلدتهم، وهذا إضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف، كأنه قيل:((وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)) أي: أنزلناه إليك لتنذر به الناس.
وكأنه قيل بعد ذلك: لم يؤمنوا به، وجعلوا كلاً من المنذر والمنذر به عرضة للنكير والتعجب، مع كونهما أوثق شيء من قضية العقول وأقربه إلى التلقي بالقبول.
يعني: مم يتعجبون؟! مع أن العقل والقلب السليم يقبل الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالرسالة.
فقوله عز وجل:((فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)) فيه تفسير لتعجبهم وبيان لكونه مقارناً لغاية الإنكار مع زيادة تفصيل لمحل التعجب.
وفيه إشارة إلى كونه صلى الله عليه وسلم منذراً بالقرآن ((فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)) يعني: أن يأتي وينذرنا بالقرآن ((هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)).
فأضمرهم أولاً في قوله:((بَلْ عَجِبُوا)) ثم أظهرهم فقال: ((فَقَالَ الْكَافِرُونَ)).
وإضمارهم أولاً لإشعاره بتعينهم بما أسند إليهم، والسياق فيه إشارة إلى تعجبهم بغض النظر عن أنهم هم الكافرون.
وإظهارهم ثانياً للتدليل عليهم بالكفر بموجبه، لأنهم رفضوا القرآن فصاروا كافرين، فلذلك قال:((فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)).