قوله تعالى:(قل أرأيتكم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم) يعني: بأن أصمكم وأعماكم (وختم على قلوبكم) يعني: بأن غطى عليها بما يزول به عقلكم وفهمكم.
وقوله:(من إله غير الله يأتيكم به) يعني: من إله غير الله يأتيكم بذلك المأخوذ منكم؟! وإنما خصت هذه الأعضاء الثلاثة بالذكر لأنها أشرف أعضاء الإنسان، فالسمع والبصر والعقل إذا تعطلت اختل نظام الإنسان وفسد أمره، وبطلت مصالحه في الدين والدنيا.
وقوله:(انظر كيف نصرف الآيات) أي: نوردها بطرق مختلفة، كتصريف الرياح.
وقوله:(انظر) يفيد التعجيب من عدم تأثرهم بما عاينوا من الآيات الباهرة.
وقوله:(ثم هم يصدفون) أي: بعد رؤيتهم تصريف الآيات يعرضون عنها، فلا يتأملون فيها عناداً وحسداً وكبراً.
أما الآيات فإما أن يقصد بها مطلق الدلائل، أو يقصد بها الدلائل القرآنية مطلقاً، أو ما ذكر من أول السورة إلى هاهنا، أو ما ذكر قبل هذا من المقدمات العقلية الدالة على وجود الصانع وتوحيده المشار إليها بقوله:{إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ}[الأنعام:٤٠] إلى آخر الآية.
ومن الترغيب أيضاً قوله:{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ}[الأنعام:٤١]، ومن الترهيب:((إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ))، وذهب إلى أنه يقصد كل ذلك بعض من المفسرين، وعموم اللفظ يصدق على ذلك كله بلا تدافع، أي: أن الإشارة إلى كل ما مر على تنوعه.
ودلت الآية على جواز الاحتجاج في أمر الدين، وهو ظاهر.
والمقصود من هذه الآية بيان أن القادر على تحصيل هذه القوى الثلاث وصونها عن الآفات ليس إلا الله سبحانه وتعالى، فالقادر على أن يرزقنا السمع والبصر والعقل، والقادر على أن يسلبنا إياها هو الله سبحانه وتعالى وحده، وإذا كان الأمر كذلك كان المنعم بهذه النعم العالية والخيرات الرفيعة هو الله عز وجل، فواجب أن يقال: المستحق للتعظيم والثناء والعبودية ليس إلا الله تعالى، وذلك يدل على أن عبادة الأصنام طريقة باطلة فاسدة.