نحن في هذا الزمان لابد أن نعرف مكان هذه الأمة التي ننتسب إليها، وهذا الدين الذي ننتسب إليه، نحن لسنا من سقط المتاع، ولسنا بذيول الأمم، وإنما الموقع الطبيعي لنا أن نكون في قمة البشرية، وأن نكون مهيمنين عليها لقيادتها إلى الخير وإلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، فهذه الأمة هي أكمل الأمم على الإطلاق، وإذا تمسكت بالقرآن والسنة فحينئذ تكون أكمل الأمم وأعلى الأمم وأشرف الأمم على الإطلاق، وليس ذلك على أساس اللون ولا العنصر ولا الأجناس ولا الغنى ولا الدنيا؛ ولذلك ذم الله هؤلاء السفهاء الذين يفتنون بالكفار ويغترون بما آتاهم الله سبحانه وتعالى من متاع الدنيا وتقلبهم في البلاد، ولا يمكن أبداً أن يكون تفضيلهم للكفار على أساس دينهم، وإنما تفضيلهم لهم على المسلمين هو على أساس أي شيء من أمور الدنيا، أو عرض من أعراضها: الغنى، المباني، الجمال، الخضرة، التفوق في أمور الدنيا، لكن لا يمكن أبداً أن يكون ذلك تكريم، قارن في أي شيء من أمور الدين وفي أمور الآخرة ستجدهم في أسفل سافلين بل أحط من البهائم والأنعام كما قال تعالى:{أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}[الأعراف:١٧٩]، ولذلك ندبنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننظر في الدين إلى من هو فوقنا، وننظر في الدنيا إلى من هو أسفل منا؛ كي لا نزدري نعمة الله علينا، فالذين يفتنون بهؤلاء الكفار يعكسون وصية النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفونها، فهم ينظرون إلى من فوقهم في الدنيا، ولا ينظرون لحالهم في الدين!! فانظر لأي وجه من وجوه الافتتان بما عليه الكفار الآن، وماذا يساوي بالنسبة لبعدهم وانسلاخهم عن الدين! فهم كفار مشركون، يعبدون الشركاء والأنداد من دون الله، وانظر في أخلاقهم تجد الفساد والعناد والإجرام والانحراف، انظر إلى أخلاقهم في التعامل مع الأمم تجد الظلم والقهر والإذلال، وانظر لكل شيء من أمور الدين وأمور الآخرة تجدهم صفراً، فهم كالأنعام بل هم أضل من الأنعام، يعيشون للشهوات ويعيشون للدنيا، فالذي يفتن بهم لا يفتن إلا بسبب الدنيا، لكن إذا عظم الدين في قلبه لاحتقرهم ولعاداهم ولأبغضهم كما أرشدنا الله تبارك وتعالى، فنحن المسلمين لسنا من سقط المتاع، نحن أفضل أمة على الإطلاق إذا تمسكنا بالقرآن والسنة، فأكمل الأمم عقولاً وأهداها سبيلاً هي الأمة المحمدية، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:(وعند المسلمين من العلوم الإلهية الموروثة عن خاتم المرسلين ما قد ملأ العالم نوراً وهدى) وهذا نلمسه الآن بأيدينا في ظل انحطاط هؤلاء المشركين، وكيف أن أمة المسلمين -على ما فيها من الضعف- أهدى الأمم عقولاً، وأنضجها عقولاً، وأقومها بأمر الله تبارك وتعالى.