ثم قال تبارك وتعالى:((مُطَاعٍ ثَمَّ))، (ثم) بمعنى: هناك، وفي هذا إشارة إلى أن جنود جبريل عليه السلام وأعوانه يطيعونه إذا ندبهم لنصر صاحبه وخليله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه إشارة أيضاً إلى أن هذا الذي تكذبونه وتعادونه سيصير مطاعاً في الأرض، كما أن جبريل مطاع في السماء، وأن كلاً من الرسولين مطاع في محله وقومه، وفيه تعظيم له بأنه بمنزلة الملوك المطاعين في قومهم، فلم ينتدب لهذا الأمر العظيم إلا مثل هذا الملك المطاع، وفي وصفه بالأمانة إشارة إلى حفظه ما حُمِّله وأدائه له على وجهه.
ثم نزه الله عز وجل رسوله البشري وزكاه عما يقول فيه أعداؤه فقال:{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ}[التكوير:٢٢] وهذا أمر يعلمونه ولا يشكون فيه، وإن قالوا بألسنتهم خلافه فهم يعلمون أنهم كانوا كاذبين.
فهذا فيما يتعلق بما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كون قوله تعالى في سورة النجم:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}[النجم:٥] نظير قوله تعالى: في سورة التكوير: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}[التكوير:٢٠].