[تفسير قوله تعالى:(يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق)]
لما قرر الله أمر النبوة، وبين الطريق الموصلة إلى العلم بها، وبعد من أنكرها، خاطب الناس عامة بالدعوة وإلزام الحجة والوعيد إن ردوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فقال:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء:١٧٠].
قوله:((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ)) أي: بالهدى ودين الحق، والبيان الشافي الذي يجب قبوله.
((فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ)) أي: آمنوا إيماناً خيراً لكم، أو ائتوا أمراً خيراً لكم من تقليد المعاندين.
((وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) أي: فهو قادر على تعذيبكم؛ لعظم ملكوته، فإن ملكه العظيم ينبئ عن عظيم قدرته، أو أن ملكه العظيم يدل على أنه غني عنكم ولا يضره كفركم كما لا ينفعه إيمانكم، كما قال عز وجل:{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}[إبراهيم:٨]، وفي الحديث القدسي:(يا عبادي! إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني).
((وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) أي: في صنعه.