[تفسير قوله تعالى: (والسماء بينيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون)]
قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات:٤٨].
قوله: ((وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)) يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية الكريمة: قوله تعالى: ((وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ)) ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم؛ لأن قوله: ((بِأَيْيدٍ)) ليس جمع يد، وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا (بأييد) فَعْل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: ((بِأَيْيدٍ)) في مكان الفاء، والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام.
ولو كان قوله تعالى: ((بِأَيْيدٍ)) جمع يد لكان وزنه أفعلا، فتكون الهمزة زائدة، والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين، والياء المحذوفة لكونه منقوصاً هي اللام.
والأيد والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة:٨٧] أي: قويناه به.
فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط غلطاً فاحشاً، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة.
قوله: ((وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ)) يقول القاسمي رحمه الله تعالى: أي: رفعناها بقوة، قوله: ((وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)) أي: قادرون على الإيساع كما أوسعنا بناءها.
هذه الآية الكريمة لو أتينا بواحد مختص في علوم الفلك لحدثنا حولها بالعجائب، من عملية التمدد المستمر للكون، وهناك صور لأجزاء في الفضاء تدل على استمرار تمدد الكون واتساعه بصورة مدهشة، فهذا مما يقر به الكفار.
علماء الكفار الذين يهتمون بهذه العلوم لهم في ذلك بحوث كثيرة جداً، كلها تثبت هذه الحقيقة المعروفة عندهم بتمدد الكون.
والقاسمي فسر الإيساع بالقدرة، أي: كما أوسعنا بناءها فإنا قادرون على إيساعها أكثر من ذلك، أما ما اكتشف حديثاً من التمدد الفعلي للكون فإنه يؤيد ذلك.
قوله تعالى: ((وَالأَرْضَ فَرَشْنَاهَا)) أي: مهدناها ليتمتعوا بها.
((فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ)) أي: لهم.