قال تعالى:{فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا}[الذاريات:٣] أي: السفن الجارية في البحر جرياً سهلاً، الرياح الجارية في مهابها.
يقول الشنقيطي: أكثر أهل العلم على أن المراد بالجاريات يسراً السفن تجري في البحر جرياً ذا يسر وسهولة، والأظهر أن هذا المصدر المنجر حال كما قدمنا نشره مراراً، أي:((فالجاريات يسراً)) يعني: في حال كونها ميسراً ومسخراً لها البحر، ويدل لهذا القول كثرة إطلاق وصف الجري في القرآن على السفن، كقول الله سبحانه وتعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ}[الشورى:٣٢] أي: السفن الجواري اللائي يجرين في البحر، وقال تعالى:{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}[الحاقة:١١] أي: السفينة الجارية وهي سفينة نوح، وقال تعالى:{وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ}[الحج:٦٥]، وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}[الجاثية:١٢] وقيل: ((الجاريات)) الرياح أيضاً، وقيل غير ذلك.
وقال بعض المفسرين: إن المقصود بقوله: ((فالجاريات يسرا)) أي: الكواكب التي تجري في منازلها، وكما قلنا:((يسراً)) إعرابها صفة مصدر محذوف، أي: فالجاريات جرت جرياً ذا يسر.