أما من جعل نفسه مسخرة كممثل الكوميديا ونحوه، فهو يفرح أن يضحك الناس عليه، ويرى أنه إنسان ناجح جداً، وأنه جنى المجد العظيم حين يقف ويأتي بحركات وبروفات تضحك الناس؛ فهذا لا يدخل في هذه الآية، لأنه سعيد وفخور بأنه مسخرة، ولذلك لا يتشبث بهذه الوظيفة أو هذا العمل إلا من كان أحقر الناس وأعدمهم مروءة، ولا يمكن لإنسان محترم أو عنده مروءة أن يقبل هذا.
وإنما يكون سفلة الناس ورعاعهم وأحطهم هم الذين يقبلون مثل هذه الأعمال؛ فضلاً عن أن يسخروا بها.
وإنما يحرم الاستهزاء في حق من يتأذى به، لما فيه من التحقير والتهاون، وذلك تارة بأن يضحك على كلامه إذا ارتبك فيه ولم ينتظم، أو على أفعاله إذا كانت مشوشة، كالضحك على حفظه وعلى صنعته أو على صورته وخلقته، إذا كان قصيراً أو ناقصاً لعيب من العيوب.