ما هي العلامات الخمس التي تدل على صدق النبوة؟ لو أن كافراً قال لك: أثبت لي صدق محمد، وما هي الأدلة والصفات الشخصية لصاحب الرسالة؟ فنقول: الثمرات، والمعجزات، والبشارات وهي التي تبشر بظهور النبي في الكتب السابقة، والنبوءات، والصفات الشخصية، فإن للأنبياء صفات لا تشتبه أبداً بصفات غيرهم حتى لو كانوا من الصديقين والشهداء والصالحين، لا يمكن أن تشتبه خصائص النبي بخصائص غيره من البشر، فللأنبياء صفات مميزة؛ لأن الله سبحانه وتعالى يصطفيهم من أعلى الدرجات، ومن قمة البشر، سواء في حسبهم ونسبهم أو كمال أجسادهم وقوتهم وجمالهم وأخلاقهم، وغير ذلك من الصفات، فالأنبياء يمثلون قمة متميزة في صفاتهم الشخصية الحسية والنفسية، ولا يشاركهم فيها أحد.
فمن هذه العلامات: الثمرات؛ لأن للأنبياء انطباعات وثمرات في الوجود وفي العالم لا تشتبه بغيرهم ممن يسمونه المصلحين أو الدعاة أو نحو ذلك، فالأنبياء لهم ثمرات يتركونها في واقع البشرية لا تشتبه بثمرات غيرهم، وليس لنبينا صلى الله عليه وسلم في هذا كله نظير على الإطلاق، فهو أعظمهم ثمرة وأثراً.
ومنها: النبوءات، وهي نبوءات كثيرة عما يحصل في المستقبل.
ومنها: البشارات، أي: بشارة النبي السابق بالنبي اللاحق، كما يوجد في التوراة والإنجيل من بشارات كثيرة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ومنها: المعجزات، وهي الخوارق التي تقترن بادعاء النبوة، وهذه أيضاً من خصائص الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.
قال الله تبارك وتعالى:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء:٨١]، الحق في لغة العرب هو الثابت الذي ليس بزائل ولا مضمحل، أما الباطل فمعناه: الذاهب المضمحل.
والمراد بالحق في قوله تعالى:(وقل جاء الحق) هو ما في هذا القرآن العظيم والسنة النبوية من الدين الإسلامي، والمراد بالباطل الزاهق: الشرك بالله والمعاصي المخالفة لدين الإسلام.
(إن الباطل كان زهوقاً) يقال: زهقت نفسه إذا خرجت وزالت من جسده، (إن الباطل كان زهوقاً) كان هي صيغة للماضي، لكن كان هنا تفيد الاستمرار والثبات، يعني: إن الباطل كان زهوقاً في كل وقت، وقد ذكر الله تعالى أن الحق يزيل الباطل ويذهبه في قوله:{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}[سبأ:٤٨ - ٤٩]، وقال تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}[الأنبياء:١٨]، وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال:(دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: ((جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) [الإسراء:٨١]، ((جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)) [سبأ:٤٩]) متفق عليه.