إن الكلام عن شيء يؤذي الرسول عليه السلام لا يجوز، مثل كثرة الجدال، فبعض الناس يروق لهم أحياناً فتح بعض الموضوعات، وكثرة الجدل والسؤال فيها، ونحن لا نقول فيها بخلاف الحق، لكن يكفي فيها التنبيه، مثل كثرة الكلام في مصير أبوي الرسول عليه الصلاة والسلام وأنهما في النار، فهذه المسألة دليلها واضح، ولا تحتاج إلى كلام كثير، فقد كره بعض العلماء ذلك؛ لما فيه من إيذاء رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نقول كما تقول الصوفية: إن الله قد أحيا له والديه فآمنا ثم ماتا، فهذه من خرافاتهم، ولكن نقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله رجل أين أبي؟ (قال: إن أبي وأباك في النار)، وقوله:(استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته بأن أزورها فأذن لي أن أزورها) يعني: أمه عليه الصلاة والسلام، فالإنسان يكفيه هذا ولا يكثر الكلام؛ مراعاة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}[الأحزاب:٦٩] فهذا من مظاهر أذية اليهود -لعنهم الله- للأنبياء حتى وصل بهم الأمر إلى حد القتل، فقد قتلوا بعض الأنبياء، وهنا آذوا موسى عليه السلام الذي يتشدقون بأنه نبيهم، وأنهم يعظمونه ويحبونه، فقد آذوه مراراً، وقاسى منهم الأمرين عليه السلام كما حكى الله عنه مخاطباً قومه:{لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}[الصف:٥]، فالشر كامن في بني إسرائيل فهم كالذيب، ومن التعذيب تهذيب الذيب، فلو أردت أن تهذب الذيب أو أن تعدل أخلاقه فإنه لا يتعدل ولا يقبل التعديل، وهذا مما يستفاد من قصص القرآن الكريم في شأن اليهود -لعنهم الله- فإن أخلاقهم واحدة في كل جيل، ففيهم نفس اللؤم والغدر، ونقض العهد، والكفر، والمكر، وكراهية الخير للناس، والحسد، فكل هذه الصفات لاصقة فيهم، وغير قابلة للمحو والتغيير من طباعهم.