للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بين يدي سورة الحشر]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم! بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: نشرع بإذن الله تعالى في تفسير السورة التاسعة والخمسين من سور القرآن الكريم، وهي: سورة الحشر.

قال المهايمي: سميت به لدلالة إخراج اليهود عنده على لطف الله وعنايته برسوله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين، وقهره وغضبه على أعدائهم، فهو من أعظم مقاصد القرآن، وكان ابن عباس يقول: سورة بني النضير، وبنو النضير: هم رهط من اليهود من ذرية هارون عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقد نزلوا في المدينة في فتن بني إسرائيل؛ انتظاراً لبعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من أمرهم ما قص الله عليه هنا في هذه السورة.

وسبب وجود اليهود في المدينة وفي بلاد المغرب الإسلامي هو أنهم كانوا دائماً لا يجدون مأمناً إذا نزل بهم الفزع إلا في ظل الحكم الإسلامي، فلما حصل الاضطهاد والقتل لهم في الأندلس فزعوا إلى المغرب الإسلامي، وما زالوا موجودين فيه إلى الآن، بل ولهم فيه ثقل.

وكذلك كانوا يفرون من الفتن التي تعرض لهم إلى المدينة؛ انتظاراً لبعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا حصل بينهم وبين المشركين نزاع فإنهم يقولون: نحن في انتظار نبي سوف يبعث، فإذا بعث لنؤمننّ به ولنتبعنّه، ثم نقاتلكم فنغلبكم، وقد ذكر الله تعالى عنهم ذلك في سورة البقرة: {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة:٨٩].

روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: قلت لـ ابن عباس: سورة الحشر، قال: سورة بني النضير.

يعني: سمِّها سورة بني النضير.

وعنه قال: قلت لـ ابن عباس: سورة الحشر، قال: سورة بني النضير، وهم قوم من اليهود كما ذكرنا.

وهذه السورة مدنية، وآيها أربع وعشرون بلا خلاف.

قال الله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحديد:١].

تقدم القول في تأويل نظيره في القرآن الكريم، وهنا سنتجاوزه اختصاراً، وقد بدأ الشيخ عطية سالم رحمه الله -وهو أخص تلامذة العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى- تتمة (أضواء البيان) ببحث مفصل جداً عن التسبيح.