روى النسائي عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما اشتكى واشتهى عنباً فاشتري له عنقود بدرهم، فجاء مسكين فسأل فقال: أعطوه إياه، قال: فخالف إنسان فاشتراه بدرهم، ثم جاء به إلى ابن عمر، فجاء المسكين فسأل، فقال: أعطوه إياه، ثم قال: فخالف إنسان فاشتراه بدرهم، ثم جاء به إليه، فأراد السائل أن يرجع فمُنع، ولو علم ابن عمر أنه ذلك العنقود ما ذاقه؛ لأن ما خرج لله لا يعود فيه.
وذكر ابن المبارك بسنده عن مالك الدار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربع مائة دينار فجعلها في صرة، ثم قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، ثم تلكأْ ساعة في البيت، -أي: أنه أمر الخادم أنه يتلكأ في البيت- ثم تلكأْ ساعة في البيت حتى تنظر ماذا يصنع بها، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية! اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى انفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فوجده قد أعد مثلها لـ معاذ بن جبل فقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل وتلكأْ في البيت ساعة حتى تنظر ماذا يصنع، فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، وقال: يا جارية! اذهبي إلى بيت فلان بكذا، وبيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن والله! مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا دينارين قد جاء بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسر بذلك عمر وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
ونحوه عن عائشة رضي الله عنها في إعطاء معاوية إياها وكان عشرة آلاف، وكان المنكدر هو الذي دخل عليها.