[تفسير قوله تعالى:(وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية)]
قال الله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[البقرة:١١٨] من كفار مكة، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:{لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ}[البقرة:١١٨] هلا يكلمنا الله، يقترحون على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم الله خطاباً مباشراً، {أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ}[البقرة:١١٨] يعني: مما اقترحناه على صدقك، ((كَذَلِكَ)) [البقرة:١١٨]، كما قال هؤلاء {قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[البقرة:١١٨] من كفار الأمم الماضية لأنبيائهم، فليست القضية قضية حجة، فإن الله سبحانه وتعالى لا يرسل نبياً إلا مؤيداً بالحجة والمعجزة والبراهين، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون جحوداً وعناداً، وإلا فجميع الأنبياء أتوا بحجج، فحتى لو استجاب الله سبحانه وتعالى لهم لما يطلبون لما ازدادوا إلا كفراً وعتواً، ولذلك أعرض الله سبحانه وتعالى عن إجابتهم.
{مِثْلَ قَوْلِهِمْ}[البقرة:١١٨] من التعنت وطلب الآيات، {تشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}[البقرة:١١٨] في الكفر والعناد.
وفي الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، كما قال في آية أخرى:{أَتَوَاصَوْا بِهِ}[الذاريات:٥٣] تشابه الكلام حتى كأن كل جيل كان يوصي الذي بعده: إذا أتاك النبي فقل له نفس هذا الكلام! كأنهم تواصوا به، وقيل: يوصي بعضهم بعضاً بها، فيكون ردهم بنفس الألفاظ والشبهات والشتائم والظلم، تشابهت قلوبهم في الكفر والعناد، وبالتالي تشابهت مواقفهم، ففيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.
{قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[البقرة:١١٨] يعني: يعلمون أنها آيات فيؤمنون، فاقتراح آية معها تعنت، فهلا يوقنون بهذه الآيات التي جاءتهم، ولا يقترحون آيات جديدة؛ لأن هذا يكون تعنتاً.