[تفسير قوله تعالى:(فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون)]
قال الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}[الذاريات:٦٠]، كما قال تعالى:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص:٢٧]، وقال عز وجل:{وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[إبراهيم:٢]، وقال:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}[المرسلات:١٥]، فكلمة (ويل) قال بعض أهل العلم: إنها مصدر لا فعل له من لفظه، ومعناها: الهلاك الشديد.
وقيل: هو واد في جهنم تستعيذ من حره.
والذي سوغ الابتداء بهذه النكرة أن فيها معنى الدعاء عليهم بهذا الويل.
يقول القاسمي رحمه الله تعالى:((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)) أي: توعدوا فيه نزول العذاب بهم، وماذا يلقون فيه من البلاء والجهد، واليوم يوم القيامة، أو يوم بدر.
قال أبو السعود: والأول هو الأنسب؛ لما في صدر السورة الكريمة الآتية؛ لأنه كما تعلمون أن هناك علم التناسب والترابط بين سور القرآن بعضها ببعض من حيث الترتيب، فالسورة التالية التي هي سورة الطور في صدرها جاء قوله تعالى:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ * يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا}[الطور:٧ - ١٠]، فقوله:(يوم) كأن هذا اليوم الذي ورد ذكره هنا في صدر سورة الطور هو الذي اختتم به سورة الذاريات التي قبل هذه السورة مباشرة، ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ))، أي يوم هو؟ إنه يوم تمور السماء موراً، وتسير الجبال سيراً.
فإذاً: هذا يكون أقرب من القول أن اليوم هو يوم بدر، ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)).
قال أبو السعود: هو الأنسب؛ لما في صدر السورة الكريمة الآتية، والثاني هو الأوفق لما قبله، منه قوله تعالى:((فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ)) فيكون هنا أنسب لما قبله؛ لأن كفار قريش أخذوا نصيبهم من الهلاك يوم بدر، والله تعالى أعلم.