قوله تعالى:(فلما نسوا ما ذكروا به)، يعني: من البأساء والضراء، فتركوا الاتعاظ.
(فتحنا عليهم أبواب كل شيء) أي: لما تركوا الاتعاظ -رغم البأساء والضراء- فتنهم الله بأن فتح عليهم الدنيا استدراجاً وفتنة لهم، ولا شك في أن هذا هو تفسير ما نراه من رغد العيش وزينة الدنيا عند الكفار، وهذا كما قال تعالى:{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}[آل عمران:١٧٨]، فهذا استدراج من الله سبحانه وتعالى، وهذا أخطر أنواع العقوبات التي يعاقب الله سبحانه وتعالى بها العبد، أي: أنه يُعاقب ولا يحس أنه يعاقب، وحينئذٍ لا يستدرك ولا يفكر في التوبة؛ لأنه زين له سوء عمله فرآه حسناً.
يقول تعالى:(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) أي: من البأساء والضراء، وتركوا الاتعاظ به (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) أي: من النعم، كالصحة والسعة وراحة البال والأمن استدراجاً وإبلاءً ومكراً بهم، عياذاً بالله سبحانه وتعالى من مكره! وقوله:(حتى إذا فرحوا بما أوتوا) لا شك في أنهم إذا عظمت فرحتهم ثم أخذوا بغتة تتعاظم حسرتهم، فيكون أشد في إيلامهم، فلذلك قال تعالى:(حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا)، يعني: من مطالبهم ورغائبهم مع الشرك (أخذناهم) أي: بالعذاب المستأصل (بغتة) أي: فجأة بلا تقديم ذكر؛ إذ لم يفدهم التذكير في المرة الأولى (فإذا هم مبلسون) أي: متحسرون يائسون من كل خير.