قوله تعالى:((لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق)) هذا حال من الرؤيا، أي: متلبسة بالحق، ليست من قبيل أضغاث الأحلام، ((لتدخلن)) هذا جواب قسم محذوف، يعني: والله لتدخلن ((المسجد الحرام إن شاء الله آمنين))، إن شاء الله تعليق واستثناء بالمشيئة؛ لتعليم العباد أنهم إذا أرادوا أن يتكلموا عن شيء مما يقع في المستقبل فمن الأدب أنهم يستثنون، فيقول أحدهم: إن شاء الله، كما قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الكهف:٢٣ - ٢٤]، وسبب نزولها الأسئلة المعروفة التي وجهت للنبي عليه الصلاة والسلام عن الروح والفتية وذي القرنين.
وفي حديث يأجوج ومأجوج:(إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً، فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغوا مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس؛ حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله، فاستثنوا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه؛ فيحفرونه ويخرجون على الناس).
ويقول الله تعالى:{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلا يَسْتَثْنُونَ}[القلم:١٧ - ١٨] حلفوا أنهم يصرمون الثمر مصبحين ولا يستثنون أي: ولم يقولوا: إن شاء الله، فعوقبوا بما عوقبوا به.
وفي حديث سليمان عليه السلام أنه قال:(لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله فلم يقل -يعني: أنه نسي أن يقول: إن شاء الله- فلم تحمل منهن إلا امرأة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده! لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون).