فأول فريق: قالوا: إن هذه الفواتح هي أسماء للسور، وإن هذا الحرف هو عبارة عن اسم للسورة التي افتتح بها، وهذا منقول عن زيد بن أسلم، ونسبه صاحب الكشاف إلى الأكثر، ونقل القرطبي عن زيد بن أسلم قوله: هي أسماء للسور، يعني: أن كل سورة تعرف بما افتتحت به منها.
قد يرد إشكال هنا: وهو أن هناك بعض السور افتتحت بنفس الحروف فكيف تميز؟ كـ (الم) مثلاً و (حم).
قالوا: يمكن تمييزها بإضافتها إلى اسم آخر، كأن تقول:(حم السجدة) لتميزها عن (حم الدخان) مثلاً أو الزخرف أو غيرها، أو (الم البقرة)، و (الم العنكبوت) و (الم تنزيل) وهذا يكون مثل ما يحصل من الوفاق في الأسماء، فلو أن أحداً اسمه محمد والثاني محمد والثالث محمد، فيمكن أن تقول مثلاً: محمد أبو علي، محمد أبو الحسن، محمد أبو بكر، فتميزه بالكنية أو باللقب.
قال صاحب المنار:(الم) هو وأمثاله أسماء للسور المبتدأة به، ولا يضر وضع الاسم الواحد كـ الم لعدة سور؛ لأنه من المشترك الذي يعين معناه اتصاله باسمه، كأن تقول: الم البقرة، تقصد بذلك سورة البقرة، وقد نقل عن سيبويه مثل هذا الرأي، ويعتضد هذا بمثل ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة (الم السجدة)، و ((هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ)) [الإنسان:١]).
وذكر أبو السعود: أن الذي عليه الأكثر كونه أسماءً للسور المصدرة بها، وإليه ذهب الخليل وسيبويه، هذا هو المذهب الأول من مذاهب الذين قالوا بالخوض في تأويل هذه الفواتح.