قال لهم أبوهم:((لن أرسله معكم)) أي: لن أكتفي بقولكم هذا الذي تقولونه، ولا بد أن أستوثق بأن تؤتون عهداً ويميناً من الله ((لَتَأْتُنَّنِي بِهِ)) أي: لتردنه عليّ ((إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ)) أي: أن تغلبوا كلكم فلا تقدروا على تخليصه، وأصله من أحاط به العدو وسد عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه.
قال ابن إسحاق: وإنما فعل ذلك لأنه لم يجد بداً من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها.
هنا لطيفة: قال الناصر: ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر: البلاء موكل بالمنطق، فإن يعقوب عليه السلام قال أولاً في حق يوسف:{وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}[يوسف:١٣] فابتلي من ناحية هذا القول.
وقال هاهنا ثانياً:{لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}[يوسف:٦٦] أي: تغلبوا عليه، فابتلي أيضاً بذلك وأحيط بهم وغلبوا عليه.