للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله)

{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف:٦٦].

قال لهم أبوهم: ((لن أرسله معكم)) أي: لن أكتفي بقولكم هذا الذي تقولونه، ولا بد أن أستوثق بأن تؤتون عهداً ويميناً من الله ((لَتَأْتُنَّنِي بِهِ)) أي: لتردنه عليّ ((إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ)) أي: أن تغلبوا كلكم فلا تقدروا على تخليصه، وأصله من أحاط به العدو وسد عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه.

((فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)) أي: شهيد رقيب، والقصد حثهم على ميثاقهم لتخويفهم من نقضه بمجازاته تبارك وتعالى.

قال ابن إسحاق: وإنما فعل ذلك لأنه لم يجد بداً من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها.

هنا لطيفة: قال الناصر: ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر: البلاء موكل بالمنطق، فإن يعقوب عليه السلام قال أولاً في حق يوسف: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف:١٣] فابتلي من ناحية هذا القول.

وقال هاهنا ثانياً: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف:٦٦] أي: تغلبوا عليه، فابتلي أيضاً بذلك وأحيط بهم وغلبوا عليه.