وقد روى بعض المفسرين ما يدل على أن الآية نزلت في الصلاة في النعال، هذا روي عن أنس رواه الحافظ ابن مردويه، من حديث سعيد بن بشير والأوزاعي عن قتادة عن أنس مرفوعاً، وعن أبي هريرة مثله، وقال ابن كثير: وفي صحته نظر، والله تعالى أعلم، يعني أنه من حيث السند غير صحيح وفيه نظر، أما من حيث المعنى فالمعنى صحيح؛ لأن النعال مما تشمله الزينة، وقد أسلفنا في المقدمة أن قولهم: نزلت في كذا لا يقصد به أن حكم الآية مخصوص به، بل مخصوص بنوعه، فتعم ما أشبهه.
والأحاديث في مشروعية الصلاة في النعال كثيرة جداً، منها: حديث سعيد بن يزيد قال: (سألت أنساً أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم)، وهذا متفق عليه.
وقال العراقي في شرح الترمذي: وممن كان يفعل ذلك -يعني لبس النعل في الصلاة- عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وعويمر بن ساعدة وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأوس الثقفي، وذكر عدداً كبيراً من التابعين كانوا يصلون في النعال.
وقد ثبت أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيهما)، وكذا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً).
فإذاً يمكن على هذا الأساس إدراج لبس النعال على أنه من الزينة التي يتخذها الإنسان عند الصلاة، والمقصود بالصلاة في النعال أن الإنسان يصلي حسبما يتيسر له الحال، فإن كان منتعلاً يصلي منتعلاً، ولا يتكلف خلع النعل من أجل الصلاة، وإن كان حافي القدمين فلا يتكلف لبس النعلين لأجل الصلاة، وهذا بشرط ألا يؤذي من في المسجد، فإذا كانت المساجد -كما هو الحال الآن- مفروشة بالبسط والسجاجيد، وكثرة توارد الأقدام بالأحذية عليها مما يؤذي الناس ويلوث ثيابهم، فهنا:(لا ضرر ولا ضرار)، وفي مثل هذه الحالة ليس من الحكمة أن يتعمد الإنسان لبس النعل ويصلي فيها، ويستفز مشاعر الناس ويؤذيهم، لكن على الأقل ينبغي عليه أن يعلم الناس أن هذه سنة.
وأحياناً يحتاج الإنسان إلى الصلاة في النعال، كأن يكون المسجد مزدحماً، والصفوف موجودة في خارج المسجد، وهو يريد أن يلتحق بها بسرعة، وليس هناك شيء مفروش على الأرض، ففي هذه الحالة يصلي بدون أن يتكلف خلع النعل حتى لا يفوته جزء من الصلاة، فيصلي بالنعلين، والناس الآن بسبب شدة غربة الإسلام، وشدة تفشي الجهل بينهم، يستقبحون أن يصلي الإنسان في النعل، وهذا بسبب جهلهم بالسنة، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح.