قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: الذي يظهر لنا أنه الصواب في هذه المسألة: أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لم يقع منهم ما يزري بمراكزهم العلية، ومناصبهم السامية، ولا يستوجب خطأً منهم، ولا نقصاً فيهم صلوات الله وسلامه عليهم، ولو فرضنا أنه وقع منهم بعض الذنوب، فإنهم يتداركون ما وقع منهم بالتوبة والإخلاص وصدق الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى ينالوا بذلك أعلى الدرجات.
حتى ما وقع منهم من هذه الأشياء اليسيرة لو فرض أنها وقعت فالأنبياء لا يقرون على ذلك ولا يصرون عليه، وإنما لابد أن ينيبوا إلى الله ويتوبوا إليه توبة ترفع درجاتهم، بحيث إن النبي لم يكن يصل إلى الدرجة العليا لولا هذه التوبة.
إذاً: يقول الشنقيطي: ولو فرضنا أنه وقع منهم بعض الذنوب؛ فإنهم يتداركون ما وقع منهم بالتوبة، والإخلاص وصدق الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى ينالوا بذلك أعلى الدرجات، فتكون بذلك درجاتهم أعلى درجة ممن لم يرتكب شيئاً من ذلك، ومما يوضح هذا قوله تعالى:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه:١٢١ - ١٢٢]، فانظر أي أثر يبقى للعصيان والغي بعد توبة الله عليه واجتبائه -أي: اصطفائه- إياه وهدايته له! ولا شك أن بعض الزلات ينال صاحبها بالتوبة منها درجة أعلى من درجته قبل ارتكاب تلك الزلة، والعلم عند الله تبارك وتعالى.
وقد قال بعض العلماء: رب معصية أوجبت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً.
ولذلك قال النبي عليه السلام:(لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك العجب العجب!) وقيل أيضاً: لأن يبيت الرجل نائماً ويصبح نادماً، خير له من أن يبيت قائماً ويصبح معجباً مغتراً بعمله.