تفسير قوله تعالى:(وكنتم أزواجاً ثلاثة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة)
يقول تعالى:{وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}[الواقعة:٧ - ٩]: يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: {وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} أي: ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ويؤخذ بهم ذات اليمين، قال السدي: وهم جمهور أهل الجنة.
وآخرون عن يسار العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر، ويؤتون كتبهم بشمائلهم، ويؤخذ بهم ذات الشمال، وهم عامة أهل النار عياذاً بالله من صنيعهم.
وطائفة سابقون بين يديه، وهم أخص وأحرى وأقرب من أصحاب اليمين فهم سادتهم، وفيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء، وهم أقل عدداً من أصحاب اليمين، ولهذا قال:{فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[الواقعة:٨ - ١٠]، وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}[فاطر:٣٢]، وذلك على أحد القولين في تفسير الظالم لنفسه بأنه الكافر.
وقال ابن عباس: أصنافاً ثلاثة وقال مجاهد: فرقاً ثلاثاً، وقال ميمون بن مهران: أفواجاً ثلاثة، فاثنان في الجنة وواحد في النار.
كما جاء عن عثمان بن سراقة.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}[الواقعة:٢٧]{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}[الواقعة:٤١] فقبض بيده قبضتين فقال: هذه للجنة ولا أبالي وهذه للنار ولا أبالي).