[تفسير قوله تعالى: (فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق)]
قال تعالى: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس:٢٣].
((فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)) أي: يفسدون في الأرض بغير الحق، ويسارعون إلى ما كانوا عليه من الشرك ونحوه.
والحقيقة أن الإنسان يعجب ممن يواقعون الشرك في زماننا ممن ينتسبون للإسلام، كم نسمع قصصاً وأساطير وخرافات أنه لما غرق مركب شخص قال: يا سيدي عبد القادر لو أنجيتني سأعمل كذا وكذا، فلما دعا السيد عبد القادر هذا أنجاه! ثم ينشر مثل هذه الأكاذيب والأساطير وتروج في الناس.
وتمر مثل هذه الشركيات ولا كأن هؤلاء ناس موحدون يشهدون أن لا إله إلا الله، بينما المشركون الوثنيون يخلصون الدعاء لله عند الشدة، أما هؤلاء فهم يشركون بالله سبحانه وتعالى في الشدة، فهذا مما حذا ببعض العلماء إلى أن يقول: إن مشركي الزمان الأول كانوا أفضل من مشركي زماننا، أي لأن هؤلاء حينما يقعون في الشدة يدعون الدسوقي والبدوي والحسين وغير هؤلاء.
كل بلد لها قصة وأساطير يتداولونها ويزينها الشيطان لهم؛ حتى يضلهم عن التوحيد.
يوجد في مسجد قبر لشخص اسمه سيدي العوام، وهو بحار يوناني غرق في المركب فقذفت به الأمواج على الشاطئ، وهو الآن يعبد من دون الله في مدينة مطروح، ومسجد العوام أكبر مسجد.
بعض الناس كما حكى بعض العلماء في كتبهم: أنه في المحكمة يأتي الشخص ويحلف كذباً يميناً غموساً باسم الله سبحانه وتعالى وبمنتهى السهولة، وإذا قيل له: احلف بالولي الفلاني يتلعثم ويقول الحق وينفي ما قاله من قبل.
الحقيقة هناك مظاهر من الشرك في غاية الخطورة.
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ)) أي: الناسين نعمة الخلاص بالإخلاص، نسيتم نعمة النجاة التي حصلت لكم بسبب أنكم دعوتم الله وحده مخلصين له الدين، ونعمة استجابة الدعاء الذي زعمتموه.
((إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ)) هذا الفساد الذي اقترفتموه وباله عليكم ((مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) فقط، ((ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) أي: في الدنيا، وهو وعيد بأن الله سوف يجازيهم على هذا البغي.