تفسير قوله تعالى:(قل هلّم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا)
ثم قال تبارك وتعالى:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[الأنعام:١٥٠].
قوله:(قل هلم شهداءكم) يعني: أحضروا شهداءكم، وقوله:((الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا)) يعني: يشهدون على ما تقولون وما تزعمون تحريمه من الأنعام والحرث، والمراد بشهدائهم قدواتهم الذين ينصرون قولهم.
وإنما أمروا باستحضارهم لتلزمهم الحجة، ويظهر انقطاعهم وضلالتهم، وأنه لا متمسك لمن يقلدهم، فيحق الحق ويبطل الباطل.
وقوله:(فإن شهدوا) يعني: حتى لو حضر رؤساؤهم وقدواتهم وأتوا وشهدوا أن الله حرم هذا (فلا تشهد معهم) ولا تصدقهم ولا تسلم لهم ما شهدوا به؛ لما علمت من افترائهم على الله، ومشيهم مع أهوائهم.
وقوله:((وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)) وضع المظهر موضع المضمر، أي: قال: (ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا) بدل أن يقول: ولا تتبع أهواءهم، وإنما وصفهم بأنهم (كذبوا بآياتنا) للدلالة على أن من كذب بآيات الله وعدل به غيره -أي: سوى به الأصنام- فهو متبع للهوى لا غير؛ لأنه لو اتبع الدليل لم يكن إلا مصدقاً بالآيات موحداً لله تعالى.